الحملة العالمية للقضاء على دودة غينيا تحصل على 10 ملايين دولار

التمويل الجديد المقدم من ولي عهد أبوظبي سيدعم الميل الأخير في جهود القضاء على المرض.

تعهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتمويل جديد تصل قيمته إلى 10 ملايين دولار لمساعدة مركز كارتر في مساعيه لجعل داء دودة غينيا ثاني مرض بشري بعد الجدري يتم القضاء عليه على مستوى العالم.

وسيتم تقديم هبة ولي عهد أبوظبي هذه إلى برنامج القضاء على دودة غينيا التابع لمركز كارتر على مدى خمس سنوات، في الوقت الذي سيمنح مجلس أمناء المؤسسة، التي يقع مقرها في الولايات المتحدة، تمويلاً مكافئاً للأربعة ملايين دولار الأولى من هذه الهبة.

وستوفر الهبة الدعم للفرق المجتمعية ووزارات الصحة في الدول المتأثرة بالمرض من خلال برامج الرصد والتثقيف من أجل القضاء على بقايا هذا المرض المهلك والذي يمكن الوقاية منه.

ووفقاً للبيانات المؤقتة الصادرة يوم الأربعاء، تراجعت أعداد الإصابة بداء دودة غينيا بمقدار النصف في عام 2020 مقارنة بالعام السابق، حيث ظهرت 27 حالة إصابة فقط في ست دول.

وبذلك انخفضت حالات الإصابة بهذه الطفيليات المنقولة عن طريق المياه بنسبة 99.9 بالمئة من ما يزيد عن 3.5 مليون إصابة تم تسجيلها في عام 1986، عندما بدأ مركز كارتر حملته للقضاء على المرض.

وعن ذلك، قال جيسون كارتر، حفيد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر ورئيس مجلس أمناء مركز كارتر: "إن أعداد الإصابات [المنخفضة] التي نشهدها اليوم مشجعة للغاية. مع ذلك، فإن العدد الذي نستهدفه هو صفر – أي القضاء تماماً وبشكل مستمر على الإصابات البشرية والعدوى بين الحيوانات - ولن نتوقف عن بذل الجهود حتى نصل إلى هذا الهدف".

"لقد اختبرنا في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل مباشر العلاقة الحيوية بين الصحة والازدهار”.

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان, ولي عهد أبوظبي.

ويعد داء دودة غينيا واحداً من أكثر من عشرة أمراض يطلق عليها مسمى أمراض المناطق المدارية المهملة (NTDs)، من بينها العمى النهري والجذام. وتسبب هذه الأمراض العمى والتشوهات والإعاقة للملايين من أفقر فقراء العالم كل عام، ما يحول دون قدرتهم على العمل أو الذهاب إلى المدرسة ويتسبب في خسارة مليارات الدولارات بسبب فقدان الإنتاجية.

وكانت المعركة ضد دودة غينيا — التي تركز في المقام الأول على التوعية المجتمعية بأهمية تصفية المياه والإبلاغ عن الحالات المشتبه بإصابتها بالعدوى - طويلة ومضنية، تخللتها الكثير من العقبات، من بينها الصراع وضعف البنية التحتية، وفي الآونة الأخير، ظهور إصابات جديدة لدى الحيوانات.

وخلال تلك الرحلة الطويلة، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة داعماً صبوراً لجهود مركز كارتر للقضاء على المرض. وقد شكّل اللقاء الذي عُقد في عام 1990 بين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الأب المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، والرئيس كارتر في أبوظبي، بداية شراكة خيرية امتدت لأكثر من ثلاثة عقود.

وقد قدمت عائلة آل نهيان لغاية اليوم نحو 40 مليون دولار لجهود القضاء على دودة غينيا، وقد ساهمت هذه الهبات بشكل كبير في رفع مستوى الوعي بالمرض وتحفيز العطاء والعمل الخيري الذي يستهدف النهوض بالصحة العامة في المنطقة.

كما يقف ديوان ولي العهد وراء مبادرات أخرى لمكافحة أمراض المناطق المدارية المهملة الأخرى مثل 'صندوق بلوغ الميل الأخير' والمعهد العالمي للقضاء على الأمراض المعدية (غلايد) في أبوظبي، واليوم العالمي للأمراض المدارية المهملة، الذي أطلقه في عام 2020 لزيادة الوعي بهذه الأمراض من أجل اجتثاثها.

وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: "لقد اختبرنا في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل مباشر العلاقة الحيوية بين الصحة والازدهار”. وأضاف بالقول: "يشرفنا مواصلة إرث مؤسس دولتنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من خلال عملنا مع مركز كارتر للقضاء على داء دودة غينيا. كما نتقدم بالشكر للرئيس السابق كارتر على شراكتنا الممتدة منذ عقود وعلى التزامه الراسخ بالقضاء هذا المرض الذي يصيب أكثر الأشخاص فقراً وضعفاً في العالم".

وقال كورتيس كولهاس، رئيس التطوير في مركز كارتر مثمناً أهمية الدعم الذي قدمته دولة الإمارات للقضاء على داء دودة غينيا: "وفرت هذه الهبة التي حصلنا عليها مبكراً من الشيخ زايد والتي تمت الاستفادة منها بشكل رئيسي في جهود مكافحة داء دودة غينيا في أوغندا تدفقاً للأموال التي تشتد الحاجة إليها، وقد ساعدت هذا البلد على وجه التحديد في اتخاذ خطوات مذهلة وبسرعة كبيرة من سبيل مكافحته".

وأضاف قائلاً: "لقد أثبت [هذا الدعم] للمجتمع الخيري على مستوى العالم أنها قضية تستحق المساندة. وقد ساعدت الصداقة التي كانت تربط الشيخ زايد بالرئيس كارتر حقاً في إضفاء المصداقية على هذا العمل الخيري الذي تردد صداه في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة وفي منطقة الخليج عموماً".

نبذة: داء دودة غينيا

تحدث العدوى بداء دودة غينيا لدى شرب مياه ملوثة بيرقات هذه الدودة. تنمو اليرقات داخل الجسم المضيف وبعد حوالي عام تبدأ الديدان بالظهور من بثور في الجلد.

ويلجأ المصابون بالمرض إلى التخفيف من آلامهم عن طريق وضع أطرافهم المصابة في الماء، ما يدفع الدودة إلى إطلاق يرقاتها في الماء وتبدأ بذلك دورة حياتها من جديد.

لا يوجد لقاح أو دواء لمرض دودة غينيا غير أن الوقاية منه ممكنة عن طريق تصفية مياه الشرب وتوعية المصابين بضرورة الكف عن تلويث مصادر المياه.

وأضاف كولهاس أن التمويل الأخير الذي تعهدت به دولة الإمارات يعد أكثر أهمية لأنه سيدعم جهود الميل الأخير الذي يتميز بالصعوبة والمتمثل في القضاء تماماً على المرض ووصول حالات الإصابة إلى الصفر. ولا بد من الحفاظ على هذا المستوى لمدة ثلاث سنوات من أجل الإعلان تماماً عن اجتثاث المرض.

وأوضح كولهاس بالقول: "لا يعد الوصول إلى خط النهاية أمراً صعباً على الفرق في الميدان فحسب، بل هو كذلك أيضاً من منظور جمع التبرعات. فالمانحون يحبون الأرقام وكان من الرائع أننا استطعنا أن نقول لهم أن حالات الإصابة تنخفض بمئات الآلاف".

لكن كولهاس تحدث عن تحدٍ من نوع آخر، حيث قال: "يعد طلب التمويل الآن أكثر صعوبة نظراً لتدني عدد الإصابات. ولذلك نحن ممتنون للغاية للممولين من أمثال دولة الإمارات العربية المتحدة الذين يرون في مكافحة المرض استثماراً طويل الأجل وقد ظلوا ملتزمين بهذا الهدف حتى النهاية".

وكان الانخفاض بنسبة 50 بالمئة لحالات الإصابة بداء دودة غينيا المسجلة هذا العام بارزاً بصفة خاصة لا سيما في ظل مواجهة العالم لجائحة كوفيد-19.

وعن ذلك، قال آدم وايس، مدير برنامج استئصال دودة غينيا في حديث مع مجلة زمن العطاء: "لقد تأثرنا بتبعات كوفيد-19. فقد تعطل السفر الدولي ما أعاق وصول الدعم الإضافي إلى الفرق القطرية وأدى الإغلاق العام في بعض العواصم الإقليمية إلى إغلاق المكاتب".

وأضاف قائلاً: "لكننا في وضع جيد من الناحية البرنامحية، إذ أننا نتبع إلى حد بعيد نهجاً مجتمعياً تتم قيادته محلياً ويضم عدداً قليلاً جداً من الموظفين الدوليين. كما أننا لا نعمل كمعظم برامج مكافحة الأمراض المدارية المهملة التي تلجأ إلى العلاج الجماعي بالعقاقير أو حملات التحصين الوطنية".

لكن وايس قال أن التحدي الآخر هو العدوى لدى الحيوانات، لا سيما في تشاد التي سجلت أكثر من 1,500 إصابة بين الكلاب الأليفة في العام الماضي.

وأوضح قائلاً: "لقد أجبرتنا الإصابات التي بدأنا برؤيتها لدى الحيوانات قبل بضع سنوات، لا سيما في تشاد، على إعادة تقييم تدخلاتنا ورسم مسارات جديدة لتكييف استجابتنا من أجل استهداف حالات العدوى تلك".

وأضاف: "يجب أن نسعى لاجتثاث جميع ديدان غينيا، بغض النظر عن الجسم المضيف. وكما هو الحال في جميع برامج الصحة العامة، تظهر دائماً تحديات عند الاقتراب من الهدف. لقد شهدنا ذلك مع الجدري ونشهده الآن مع شلل الأطفال. لا يعني أنه ليس باستطاعتنا القيام بذلك ولكنه يجعل ذلك الميل الأخير أطول قليلاً مما كنا نأمل جميعاً".

ويأتي التمويل الأخير من دولة الإمارات في الوقت الذي تكشف فيه منظمة الصحة العالمية عن خارطة الطريق 2030 من أجل القضاء على أمراض المناطق المدارية المهملة.

وتحدد خارطة الطريق هذه الجداول الزمنية والأهداف لتحسين السيطرة على 20 مرضاً والقضاء عليها وتتضمن هدفاً للقضاء على داء دودة غينيا والداء العليقي (وهي عدوى مزمنة تصيب الجلد والعظام والغضاريف) بحلول نهاية العقد. – PA