مأساة غزة: أمواج تسونامي من المعاناة

يحدثنا جرّاح الحروب غسان أبو ستة عن رحلته الأخيرة إلى غزة، ولماذا قرر أن ينشأ مؤسسة لمساعدة الأطفال الفلسطينيين الحصول على العلاجات الطبية.

image title

إن غسان أبو ستة ليس بغريب على مناطق النزاعات. فلقد أمضى جراح التجميل والترميم عقوداً يتطوع للأعمال الخيرية الطبية في كل من فلسطين، ولبنان، واليمن، وسوريا، والعراق. وبالرغم من ذلك فإن الدكتور يصرح بأن تجربته الأخيرة في غزة بلا مماثل لها.

ويفصح بأن حجم المعاناة الحالية في غزة، "والكثافة، والضراوة، والوحشية، والاستهداف المتعمد للمستشفيات... بمثابة أمواج تسونامي."

وقد سافر الدكتور أبو ستة إلى غزة بعد مجرد أيام من بدء إسرائيل لقصفها رداً على هجوم حماس في السابع من أكتوبر. وتبقى في الجيب المحاصر لمدة 43 يوماً، عاملاً في العموم بشمال غزة كمتطوع لمنظمة أطباء بلا حدود.

وكان حاضراً بمستشفى الأهلي خلال مذبحة 17 أكتوبر 2023، وكان من بين الأطباء الذين أدلوا – وهم مطوقين ببحر من الجثث المغلفة بالبطاطين – بفناء المستشفى في أعقاب الهجوم مباشرة.

وفي هذه المقابلة المحركة مع مضيفتنا ميساء جلبوط، فإن الدكتور أبو ستة يشاطرنا تجاربه من العمل في غزة، وكيف كان الأمر درايتاً بأن زوجته وأطفاله يشاهدونه وهو عالق بهذه الهجمات في الوقت الحقيقي على وسائط التواصل الاجتماعي.

ومنذ عودته إلى المملكة المتحدة، فلقد أعلن عن خطط لإنشاء صندوق غسان أبو ستة للأطفال الذي سيدفع تكاليف استحصال الفلسطينيين المصابين على علاجات طبية وإعادة تأهيل في لبنان.

ويعلق بأن "ما تحتاجه غزة فهو نظام صحي جديد، وليس نظام طبي جديد"، واصفاً كيف أن حجم الحرب قد خلق "محيطاً حيوياً" حيث يستمر فيه إصابة الناس بجروح والتعرض لمخاطر اعتلال الصحة.

ويضيف بأنه "يجب على كل فرد البدء في التفكير والتحدث الآن عن احتياجات غزة... وأن يتصور فعلاً ما هو الوضع الراهن (الآن) لبناء نظام صحي جديد، بدلاً مما كان عليه سابقاً".

ولقد تكبد الأطفال وطأة هذا الفصل الأخير من النزاعات في فلسطين. وقبل السابع من أكتوبر، كان هناك ما يقرب لـ 200 حالة بتر ذات صلة بالحروب فيما بين الصغار بداخل غزة، فضلا عن نحو 2,000 من البالغين الذين يعيشون بحالات بتر من النزاعات السابقة. ويعلن الدكتور أبو ستة أنه قد يكون هناك الآن ما يقارب 5,000 طفل مبتور الأطراف، وأن العديد خسروا أطرافهم نتيجة لعدم القدرة على معالجة ما تكون اعتيادياً هي إصابات قابلة للإنقاذ.

وأوضح بأن الأطفال المبتورة أطرافهم يحتاجون إلى أطراف اصطناعية جديدة كل ستة إلى ثمانية أشهر أثناء نموهم، وقد يحتاجون إلى نحو 12 عملية جراحية قبل بلوغ سن الرشد. بالإضافة إلى التأثير الجسدي لإصاباتهم، احتياجاتهم الصحية النفسية أيضًا "تغير حياتهم".Top of Form

وأعرب بأن "كل هذه الاشياء سوف تحتاج الى أجيال لكي تتعافى، فإننا نعلم كيف تنتقل الصدمة بين جيل وآخر. ولذلك، فإننا لا نتحدث عن هذا الجيل وحسب، بل لأجيال مقبلة... وإن حجم هذه الحرب ذات الإبادة الجماعية سوف تعيد تشكيل الصحة البشرية في غزة لعقود مقبلة."

وأضاف بأن "الجراحة الترميمية الصحيحة، وما يليها من إعادة تأهيل وإدماج" سوف تكون بمثابة "استثماراً في المستقبل... وليس فقط من وجهة نظر إنسانية، ولكن كذلك من وجهة نظر اقتصادية" لأنهم سيمكنون المتضررين من أن يصبحوا أفراداً ذوي اكتفاء ذاتي اقتصادياً.

ولد الدكتور أبو ستة في الكويت بعد أن أُجبر والداه على مغادرة منزلهما بفلسطين في عام 1948 وأصبحا لاجئين في غزة. ولقد درس الطب في جامعة غلاسكو ثم تابع دراسته العليا في لندن.

درس الطب في جامعة غلاسكو، وبعد اكتمال تدريبه كأخصائي تسجيل في لندن، حصل على منح دراسية في جراحة تشوهات الجمجمة وجراحة الشق الوجهي للأطفال في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال المرضى، بالإضافة إلى منحة دراسية أخرى في إعادة بناء الأذية في مستشفى رويال لندن. في عام 2010، حصل على منحة زمالة من الكلية الملكية للجراحين (جراحة تجميلية).

تولى الدكتور أبو ستة منصب أستاذ مشارك ورئيس قسم جراحة التجميل الترميمية وإعادة التجميل في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، وفي عام 2015 أصبح مديرًا مؤسسًا لبرنامج طب النزاع في معهد الصحة العالمية التابع للجامعة الأميركية في بيروت.

نبذة عن مقدمة الحلقة

ميساء جلبوط هي قيادية بارزة في مجال التنمية الدولية والعمل الخيري تولت العديد من الأدوار المهمة من بينها الرئيس التنفيذي المؤسس لمؤسسة عبدالله الغرير للتعليم، وهي مبادرة خيرية بقيمة مليار دولار يقع مقرها في دبي، والرئيس التنفيذي المؤسّس لمؤسسة الملكة رانيا. وميساء أيضاً باحثة زائرة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة ولاية أريزونا وزميلة غير مقيمة في معهد بروكينغز في واشنطن العاصمة. تابعوا ميساء عبر تويتر @MaysaJalbout.