رائد عطاء تونسي يعزز فرص الوصول إلى التعليم العالي

حازم بن قاسم، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة ’إنفستكورب‘ يجدد التزامه بدعم التعليم بمنحة بقيمة مليوني دولار لمركز هارفارد لدراسات الشرق الأوسط.

كان حميدة بن قاسم واحداً من أوائل الأطفال الذين ارتادوا المدرسة في قريته. وبعد إتمام دراسته الجامعية في المغرب، عاد بن قاسم إلى وطنه تونس للعمل في وزارة المالية، ومن ثم نقلته منحة دراسية من مؤسسة فورد إلى الولايات المتحدة ليصبح في عام 1972 أول تونسي يتخرج من كلية كندي بجامعة هارفارد.

وبعد عقدين من الزمن، تخرج نجله حازم من كلية هارفارد، فكانت الدرجة العلمية التي حصل عليها الخطوة الأولى في حياته المهنية التي مهدت له الطريق بعد ذلك ليصبح الرئيس التنفيذي المشارك لشركة ’إنفستكورب‘ Investcorp في البحرين، وهي شركة عالمية للاستثمارات المالية بأصول تبلغ قيمتها 35 مليار دولار.

وتقديراً للأبواب التي فُتحت أمامه خلال مسيرته المهنية بعد حصوله على شهادته الجامعية، وهب بن قاسم، البالغ من العمر 50 عاماً، نحو 10 ملايين دولار من أمواله الخاصة لمجموعة متنوعة من المنح والبرامج الدراسية سعياً منه للمساهمة في خلق فرص التعليم للآخرين.

كانت البداية في عام 2016 عندما أنشأ بن قاسم، الذي قضى فترة من طفولته في أبو ظبي، صندوقاً يهدف إلى دفع الرسوم الدراسية وتكاليف المعيشة للتونسيين الذين يتم قبولهم للدراسة في كلية هارفارد، وهي كلية المرحلة الجامعية الأولى في الجامعة.

وفي عام 2019، أطلق رجل الأعمال منحة دراسية ثانية لدفع رسوم طالبين تونسيين اثنين (طالب وطالبة) في السنة للحصول على درجة الماجستير في الإدارة العامة أو درجة الماجستير في برامج السياسة العامة من كلية كندي بجامعة هارفارد.

وعن هذه المبادرة، أوضح بن قاسم بالقول: "لقد كنت أرى كيف كان العديد من الإماراتيين والسعوديين والكويتيين وغيرهم يحصلون على تمويل للدراسة في الخارج ولمست الفوائد التي جنوها من ذلك، لذا أردت أن أفعل شيئاً لمساعدة الجيل القادم من التونسيين".

وتعد منحة كلية كندي بجامعة هارفارد التي أطلق عليها اسم "منحة حميدة بن قاسم" تكريماً لوالده، متاحة للموظفين من المستوى المتوسط ممن يملكون ست سنوات على الأقل من الخبرة في العمل في القطاع العام.

وأوضح بن قاسم أن الفكرة من المنحة هي استهداف الأشخاص الذين يتمتعون "بتوجه فكري معين" وبالشغف للعمل في القطاع العام والمساهمة في المجتمع.

من المقرر إطلاق برنامج ثالث للمنح الدراسية لدعم طلاب الطب في تونس في وقت لاحق من هذا العام.

"هناك الكثير مما يمكننا القيام به كأفراد، لكن إذا استطعنا أن نكون محفزين لاتخاذ إجراءات أكبر نطاقاً وأعظم أثراً، فسيكون ذلك أمراً رائعاً".

حازم بن قاسم

وتستكمل هذه المبادرات الثلاث بتبرع آخر مكّن مركز هارفارد لدراسات الشرق الأوسط عام 2017 من افتتاح أول مكتب له في الخارج.

يقع مكتب تونس التابع لمركز هارفارد لدراسات الشرق الأوسط في تونس العاصمة وهو يشكل منصة لطلاب جامعة هارفارد وأعضاء هيئة التدريس  لمواصلة دراساتهم وأبحاثهم العلمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما يعتبر قاعدة لطلاب الدكتوراه والباحثين وموقعاً لاستضافة طلاب الفصول الدراسية القصيرة خلال رحلاتهم الميدانية.

وفي يناير، جدد بن قاسم التزامه بدعم مركز هارفارد لدراسات الشرق الأوسط بتبرع إضافي بلغت قيمته مليوني دولار لتغطية تكاليف عمليات المركز لست سنوات إضافية.

وعن ذلك، قال بن قاسم: "كنت أتطلع منذ البداية لإنشاء مركز يزوره أعضاء هيئة التدريس والطلاب من جامعة هارفارد لاكتشاف تونس والتعرف على تاريخها ولغتها وثقافتها وفنها وشعبها ومن ثم دمج هذه التجربة في مسيرتهم الدراسية والتعليمية".

كما يأمل بن قاسم أن يصبح أولئك الذين يقضون وقتاً في مركز هارفارد لدراسات الشرق الأوسط في تونس سفراء لبلده خلال حياتهم المهنية.

وأخبر بن قاسم، وهو أب لثلاثة أبناء ويقسم وقته بين البحرين ولندن "زمن العطاء" قائلاً: "لقد كنت محظوظاً في حياتي المهنية، ولذلك أردت إيجاد طريقة لدعم الآخرين. أعتقد أننا جميعاً متفقون على أنه لا توجد هدية يمكن أن تقدمها لشخص آخر أثمن من التعليم".

لكن الأهم من ذلك قوله: "آمل أن تلهم هذه المنح الآخرين في المنطقة للقيام بشيء مماثل وأن تحدث تأثيراً مضاعفاً. هناك الكثير مما يمكننا القيام به كأفراد، لكن إذا استطعنا أن نكون محفزين لاتخاذ إجراءات أكبر نطاقاً وأعظم أثراً، فسيكون ذلك أمراً رائعاً".