منظمات اللاجئين تحصل على تمويل بقيمة 24.3 مليون دولار

جائزة ’لارسن لام أيكونيك إمباكت‘ تؤيد الدعوات المطالبة بتوطين تمويل المساعدات وزيادة الدعم المباشر للمنظمات التي تعمل على الخطوط الأمامية.

اختارت جائزة ’لارسن لام أيكونيك إمباكت‘ Larsen Lam ICONIQ Impact Award منظمتين يقودهما اللاجئون ويقع مقرهما في الشرق الأوسط من بين مجموعة من المنظمات غير الربحية الشعبية التي ستحصل على حصة من التمويل الخيري الذي تقدمه الجائزة والبالغ أكثر من 24 مليون دولار.  

فقد قامت الجائزة بتقديم مبلغ 10 ملايين دولار لمبادرة حشد الموارد للمنظمات التي يقودها اللاجئون Resourcing Refugee Leadership Initiative، وهي عبارة عن تحالف يضم منظمات يقودها اللاجئون، وذلك من أجل المساهمة في تقديم حلول دائمة للاجئين.

ويضم هذا التحالف المكون من خمسة أعضاء منظمة بسمة وزيتونة، التي تقدم المساعدة للاجئين السوريين في لبنان ومنظمة سانت أندروز لخدمات اللاجئين (ستارز)، وهي منظمة يقع مقرها في القاهرة تقوم بتقديم الدعم للاجئين من أكثر من ستة دول في المنطقة؛ فضلاً عن ثلاث منظمات يقودها اللاجئون في كل من أوغندا وكولومبيا وإندونيسيا.

وستحصل كل منظمة عضو في التحالف على مبلغ يصل إلى مليوني دولار لإنفاقه على برمجها وعلى بناء القدرات لمساعدتها في الاستفادة مصادر التمويل الجديدة التي عادة ما تكون من نصيب المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية الأكثر رسوخاً.

وعن أهمية هذه المنحة، قال محمد أحمد، مدير البرامج في منظمة ستارز في مصر: "ستمكن هذه المنحة التحالف من تمويل الحلول المجتمعية الطويلة الأجل، بدلاً من التركيز فقط على المشاريع القصيرة الأجل التي غالباً ما لا تحقق الهدف المنشود". وأضاف أن التمويل يشكل "وسيلة للجهات المانحة للتغلب على التعقيدات الهيكلية المتعلقة بتقديم التمويل مباشرة للمنظمات التي يقودها اللاجئون".

كما ستحصل مبادرة إقليمية ثالثة لإتاحة فرص الهجرة لذوي المهارات من اللاجئين Unlocking Skilled Migration Solutions for Refugees، تقودها منظمة ’تالنت بيوند باوندريز‘ Talent Beyond Boundaries وتعمل على ربط اللاجئين في لبنان والأردن بأصحاب العمل على الصعيد الدولي، على 1.25 مليون دولار. أما المبلغ المتبقي من الجائزة التي تبلغ قيمتها 24.3 مليون دولار فسيتم توزيعه على المنظمات غير الحكومية العاملة مع اللاجئين في أفريقيا والولايات المتحدة.

بدورها، قالت سيسيليا كونراد، الرئيس التنفيذي لمنظمة ’ليفرير فور تشينج‘ Lever for Change غير الربحية التابعة لمؤسسة جون دي وكاثرين تي ماكارثر الخيرية John D. and Catherine T. MacArthur Foundation التي نظمت هذه الجائزة: "في هذا الوقت الذي نشهد فيه محاسبة عالمية واضطرابات اجتماعية، من الأهمية بمكان أن يتمتع العمل الخيري بالجرأة والشجاعة. فمن خلال الاستثمار في هذه الأفكار الملهمة، سوف تحظى الجهات المانحة بفرصة تحسين حياة اللاجئين والنازحين لأجيال قادمة".

ووفقاً لأحدث البيانات الصادرة في 2019 عن مبادرات التنمية Development Initiatives، وهي مؤسسة بحثية تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، تم تقديم 2.1 في المئة فقط من المساعدات الإنسانية الدولية بشكل مباشر للجهات الفاعلة المحلية والوطنية. أما النسبة المتبقية فقد تم منحها للمؤسسات المتعددة الأطراف، ووكالات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الدولية، التي قامت بدورها بالتعاقد من الباطن مع منظمات محلية أصغر حجماً لتنفيذ البرامج على أساس كل حالة على حدة.

وفي ظل الشعور بالإحباط بسبب هذا التوزيع غير المتكافئ، هناك دعوات متزايدة لتبني نماذج جديدة للتمويل من أجل نزع السمة الاستعمارية عن المساعدات الإنسانية. ويقول المدافعون عن ما يسمى بأجندة توطين المساعدات الإنسانية أنه من الأفضل دعم المنظمات المحلية والوطنية، لا سيما تلك التي يقودها اللاجئون أو غيرهم من المجتمعات المهمشة الأخرى، لأنها تعطي المستفيدين المزيد من المساحة للتعبير عن آرائهم فيما يتعلق بكيفية إنفاق الأموال التي يتم الحصول عليها.

كما أن تقديم الدعم لهذه المنظمات يساعد في التأكد من أن البرامج تعكس الاحتياجات الشعبية، خلافاً للاختيارات السياساتية الرفيعة المستوى القائمة على دورات التمويل القصيرة الأجل التي لا يمكنها تقديم الدعم بشكل مستدام.

وتأمل جائزة ’لارسن لام أيكونيك إمباكت‘ من خلال تقديم الأموال مباشرة إلى المنظمات التي يقودها اللاجئون والمبادرات الشعبية الأخرى في تغيير النماذج التقليدية لتمويل المساعدات الإنسانية والتشجيع على نهج التنمية التصاعدي من القاعدة إلى القمة.

ووصفت ديانا إسيكس-ليتيري، نائب الرئيس ومدير العمليات في تحالف ’أسايلم أكسيس‘ Asylum Access، وهي مجموعة مناصرة يقع مقرها في الولايات المتحدة تشرف على مبادرة حشد الموارد للمنظمات التي يقودها اللاجئون، الجائزة التي تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار بأنها "تغيير لقواعد اللعبة".

وأضافت أن التمويل "سيساعد على رفع مستوى المنظمات المتميزة التي يقودها اللاجئون في جميع أنحاء العالم وزيادة تمثيل اللاجئين وإدماجهم في تصميم الحلول الموجهة لمشاكل اللاجئين على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية".

"في هذا الوقت الذي نشهد فيه محاسبة عالمية واضطرابات اجتماعية، من الأهمية بمكان أن يتمتع العمل الخيري بالجرأة والشجاعة".

سيسيليا كونراد، الرئيس التنفيذي لمنظمة ’ليفرير فور تشينج‘.

العمل بطرق جديدة

المنظمات التي يقودها اللاجئون (RLOs) هي ببساطة منظمات غير ربحية يديرها اللاجئون من أجل اللاجئين.

وتشمل المبادرات التي تم تصميمها وإدارتها من قبل المنظمات الخمس الأعضاء في ائتلاف ’أسايلم أكسيس‘ البرامج التعليمية والتدريب على المهارات ومنح المشقات والإغاثة الإنسانية والمراكز المجتمعية والدعم الخاص بالوضع القانوني والكفالات الخارجية.

ففي أوغندا، على سبيل المثال، يساعد مشروع ’بناء الجسور للوصول إلى التعليم الرسمي‘، الذي تديره منظمة اللاجئون الأفريقيون الشباب من أجل التنمية المتكاملة (YARID)، الأطفال اللاجئين - الذين جاؤوا من نظام مدرسي فرنسي وفاتتهم عدة أشهر من الدروس - على الاندماج في نظام الدراسة باللغة الإنجليزية. كما توفر هذه المنظمة غير الحكومية تدريباً مهنياً موجهاً حتى يتمكن الآباء من الحصول على عمل ويصبحوا قادرين على تحمل تكلفة الرسوم المدرسية.

وأوضحت ديانا إسيكس-ليتيري، نائب الرئيس ومدير العمليات في ائتلاف ’أسايلم أكسيس‘ أن "هذه أمثلة على الحلول الشاملة القائمة على المجتمع المحلي التي تقوم المنظمات التي يقودها اللاجئون بتصميمها". وأضافت قائلة: "إنها حلول ناجعة بسبب تفاني الجميع من أجل الوصول إليها. وفي حال حاولت منظمة غير حكومية دولية القيام بهذا العمل، فإنها لن تحصل على النتيجة ذاتها".

تتردد الجهات المانحة في بعض الأحيان في تقديم منح أصغر حجماً للمنظمات الشعبية لأن ذلك يتطلب بذل المزيد من الجهود الإدارية مقارنة بتقديم عدد أقل من المنح الأكبر حجماً. كما تشعر بعض الجهات المانحة بالقلق من ضعف الرقابة المالية في أوساط المنظمات غير الحكومية الأقل شهرة أو من أن يكون لها صلة بالإرهاب أو الشبكات الإجرامية.

علاوة على ذلك، قد تفتقر المنظمات غير الحكومية الأصغر حجماً، التي غالباً ما يديرها متطوعون وأفراد من المجتمع، إلى القدرة على تقديم المستوى الذي يتطلبه المموّلون الدوليون من المراقبة والتقييم. كما قد تكافح تلك المنظمات، لا سيما تلك العاملة في بيئات هشة، للوصول إلى الخدمات المصرفية الرسمية. غير أنه من دون الحصول على المزيد من التمويل فإنها لن تتمكن أبداً من تعزيز هذه القدرات ولن تنجح في التعاون مع مانحين أكبر حجماً.

"عندما يقوم الشمال بتمويل الجنوب، فإن الأمر يتعلق دائماً بالمخاطرة وليس بالثقة على الإطلاق".

سنا مصطفى، مديرة الشراكات والتعاون في منظمة ’أسايلم أكسيس‘.

وفي محاولة لكسر هذه الحلقة، سيقوم تحالف ’أسايلم أكسيس‘ بتأسيس صندوق مجمّع هو الأول من نوعه لتقديم الأموال من وإلى المنظمات التي يقودها اللاجئون. ويهدف هذا الصندوق على مدى السنوات الخمس المقبلة إلى توفير 40 مليون دولار إضافية من خلال جمع الأموال بشكل مركزي من مجموعة متنوعة من الجهات المانحة لدعم 45 منظمة يقودها اللاجئون على مستوى العالم وتقديم المساعدة لأكثر من مليون لاجئ في جميع شتى أنحاء الأرض.

وقالت إسيكس-ليتيري في حديث مع ’زمن العطاء‘ أن "هناك دليل واضح على أن مليارات الدولارات تتدفق للاستجابة العالمية لأزمة اللاجئين، غير أن الحلول ما تزال بعيدة عن الأنظار".

وأضافت أن "المنظمات التي يقودها اللاجئون تعيش هذا الواقع ... فهي تمتلك المعرفة المتأصلة حول طبيعة المشاكل [التي تواجه اللاجئين]. ولديها إيمان عميق وتفان من أجل إيجاد حلول لهذه المشاكل، إلا أن حساباتنا تشير إلى أن أقل من واحد في المئة من التمويل المتاح للاجئين يصل إلى المنظمات التي يقودها اللاجئون".

وتشكل آلية الأموال المجمعة وسيلة للربط بين المانحين والمنظمات التي يقودها اللاجئون، حيث يقوم ائتلاف ’أسايلم أكسيس‘ بتقديم المنظمات الأصغر حجماً - التي لا تكون عادة تحت أنظار الممولين الكبار. في غضون ذلك وبالنسبة للمانحين، فإن إئتلاف ’أسايلم أكسيس‘ يتحمل المخاطر المرتبطة بالتعامل مع المنظمات الأصغر حجماً.

من جهتها، قالت سنا مصطفى، مديرة الشراكات والتعاون في منظمة ’أسايلم أكسيس‘ أن الهدف الرئيسي لائتلاف المنظمات التي يقودها اللاجئون هو إحداث "تحوّل في التفكير" في أوساط المانحين أنفسهم - من أجل الانتقال من حالة النفور من المخاطرة إلى الشعور بالثقة.

وأوضحت أنه "عندما يقوم الشمال بتمويل الجنوب، فإن الأمر يتعلق دائماً بالمخاطرة وليس بالثقة على الإطلاق ... إنه موقف صعب ومحيّر. لا ترغب المنظمات في الاستثمار بسبب شعورها بالخوف ولكنها عندما لا تقدم على الاستثمار، فإنها لا تلمس أي تأثير".

وأضافت قائلة: "نأمل من في استحداث أدلة على أن هذا الاستثمار ناجح بالفعل. ومن هنا تعد هذه الجائزة مهمة للغاية. إن تخصيص 10 ملايين دولار لهذا الغرض هو بمثابة إشارة واضحة للممولين ورواد العطاء بأنه استثمار يستحق العناء".

يذكر أن الأعضاء الثلاثة الآخرين في مبادرة حشد الموارد للمنظمات التي يقودها اللاجئون الذين يشتركون في جائزة الـ 10 ملايين دولار هم منظمة اللاجئون الأفريقيون الشباب من أجل التنمية المتكاملة (YARID) في أوغندا؛ ومنظمة ’ريفيجيادوس يونيدوس‘ Refugiados Unidos  في كولومبيا؛ ومركز المعلومات حول اللاجئين وطالبي اللجوء (RAIC) في إندونيسيا.

أما رعاة الجائزة التي تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار فهم كريس لارسن، الرئيس التنفيذي لشركة التكنولوجيا المالية ريبل التي يقع مقرها في الولايات المتحدة وزوجته لينا لام. وتشغل السيدة لام حالياً منصب المدير التنفيذي لمؤسسة ’وات خمير كمبوتشيا كروم‘ Wat Khmer Kampuchea Krom، وهي مؤسسة غير ربحية للخمير البوذيين تعمل مع المجتمع الكمبودي الأمريكي ومجموعات اللاجئين الأخرى. وكانت لام قد غادرت فيتنام وهي طفلة قبل أن تستقر في نهاية المطاف في الولايات المتحدة. -PA

اقرأ المزيد