يقف عالم المساعدات الخارجية عند مفترق طرق؛ فقد أعادت التغييرات في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إشعال النقاش حول الطبيعة غير المتوقعة للدعم الإنساني. وبينما استؤنفت الإغاثة الغذائية الطارئة في كل من لبنان وسوريا والصومال والأردن والعراق والإكوادور، إلا أن المساعدات الحيوية لا تزال مُعلّقة لدول مثل أفغانستان واليمن. وتشير هذه التغييرات إلى نموذج أمريكي ناشئ يفضل الدعم الطارئ على المشاركة المستدامة طويلة المدى.
ومع ذلك، تكشف هذه اللحظة عن حقيقة أعمق: وهي الحاجة إلى إعادة التفكير بشكل أساسي في كيفية تقديمنا للمساعدات الإنمائية والإنسانية. والمطلوب الآن هو مساعدات أكثر ذكاءً—ودعم لا يستجيب للأزمات المباشرة فحسب، بل يبني أسس التقدم الدائم. ويتجلى هذا بأكثر وضوح في ميدان الكفاح من أجل تحسين الرعاية الصحية للأمهات في أكثر مناطق العالم هشاشة.
وكل يوم، تخاطر آلاف النساء بحياتهن لإحضار حياة جديدة إلى العالم. واعتبر هذا—في عام 2023، أبلغت منظمة الصحة العالمية عن 260,000 حالة وفاة للأمهات، حيث كانت 92 في المئة منها في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. ومع المساعدات الأكثر ذكاءً، التي تركز على الوقاية والوصول وبناء القدرات المحلية، فإن الواقع المأساوي هو أن معظم هذه الوفيات كان يمكن تجنبها.
وفي البلدان الأكثر ثراءً، فإنه عادةً ما تكون الولادة آمنة، ويدعمها أخصائيون صحيون مدربون ورعاية طارئة عند الحاجة. ومع ذلك، في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لا تتم سوى 60 في المئة من الولادات بإشراف كوادر صحية ماهرة. ووفقاً لليونيسف، لا تزال وفيات الأطفال دون سن الخامسة مرتفعة بشكل مثير للقلق في العديد من البلدان عبر قارة أسيا، وهي مدفوعة إلى حد كبير بالنزاعات والفقر وضعف الأنظمة الصحية. وتستأثر منطقة جنوب آسيا وحدها بنسبة 26 في المئة من وفيات الأطفال دون سن الخامسة على مستوى العالم، وهذا بالرغم من انخفاض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بنسبة 72 في المئة منذ عام 1990.
ويزداد التناقض وضوحاً في المناطق المتأثرة بالصراع: ففي أفغانستان، على سبيل المثال، يفتقر ما يقرب من نصف جميع الولادات إلى رعاية ماهرة، كما أن رعاية التوليد الطارئة الأساسية هي نادرة جداً. وبدون الوصول إلى مقدمي خدمات مدربين، فإنه سرعان ما تصبح المضاعفات الروتينية—مثل نزيف ما بعد الولادة أو المخاض المتعسر—إلى حالات طوارئ تهدد الحياة.
وتواجه النساء في المناطق النائية، وخاصة اللواتي يعانين من فقر مزمن، عقبات لا يمكن التغلب عليها في سعيهن للحصول على الرعاية الصحية. وفي العديد من المناطق، تكون أقرب المرافق بعيدة المنال بشكل أليم—وهي أزمة تزداد حدة في المناطق التي تُعطيها أهداف التنمية المستدامة الأولوية، مثل أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا، حيث يؤدي النقص الحاد في مقدمي الخدمات المهرة والإمدادات الحيوية إلى تفاقم وضع كان يائس مسبقاً.
وتخيلوا أماً على وشك الولادة في قرية بعيدة في ريف أفغانستان أو باكستان، وهي غير متأكدة مما إذا كانت ستصل إلى مكان آمن للولادة. وتخيلوها وهي تمشي لساعات على أرض وعرة إلى مستشفى ميداني، ومُدركةً أن فرص نجاتها ضئيلة في حال حدوث مضاعفات. وهذا ليس مثالاً تجريدياً—إنه الواقع اليومي لملايين النساء ما حول العالم. وغالباً ما يجدن من ينجون من رحلتهن المرهقة إلى المستشفى أنفسهن يتشاركون سريراً مع مريضة أخرى، أو أن أطفالهن الخُدّج يتشاركون الحاضنات—وهذا إن وُجدت أصلاً.
والنتيجة؟ في أفغانستان، تموت امرأة كل ساعتين بسبب مضاعفات مرتبطة بالحمل.