أطباء في مهمة

تعرّف على الجراحين الذين يمنحون أملاً جديداً لجرحى الحروب.

كان الطفل أحمد يبلغ من العمر ستة أشهر فقط عندما اخترقت قذيفة صاروخية منزل عائلته في سوريا، مما أدى إلى اشتعال النار في سريره وإصابته بحروق غطت 60 في المئة من جسده الصغير، بينما تعرضت أطرافه لإصابات بالغة.

ولعدم وجود عيادة قريبة، اضطر والدا أحمد - مصطفى ومدينة - للسير من منزلهما في قرية كندال، بالقرب من كوباني، إلى الحدود التركية بحثاً عن المساعدة. وبعد السماح لهما بالمرور إلى تركيا لأسباب إنسانية، أدخلا أحمد إلى المستشفى، حيث بُترت يده اليسرى وقدمه اليُمنى. وبعد شهر على إجراء العملية، أعيد أحمد وعائلته إلى سوريا التي تمزقها الحرب.

وبعد محاولاتهما اليائسة للحصول على علاج لحروق طفلهما الذي تشوه وجهه بشدة وتم تثبيت إحدى ركبتيه بزاوية 90 درجة، ما حال دون تعلمه للمشي، انطلق الوالدان سيراً على الأقدام مرة أخرى، لكن هذه المرة إلى شمال العراق، ووصلا أخيراً إلى مدينة أربيل في يناير عام 2021.

في أربيل، وصل ملف أحمد إلى مكتب الجراحين من مؤسسة ’سويس كروس‘ Swisscross، وهي منظمة غير حكومية جديدة تقوم بإجراء الجراحات الترميمية المعقدة للاجئين والأسر النازحة والمجتمعات المستضعفة المتأثرة بالنزاعات المسلحة.

وبعد عامين، خضع الطفل لأربع عمليات جراحية، من بينها العديد من عمليات زرع الجلد لمساعدته على مد ركبته وقد بدأ أخيراً بتعلم المشي بمساعدة أطرافه الاصطناعية.

وأحمد هو واحد من بين مئات الأشخاص الذين تغيّرت حياتهم بفضل فريق ‘سويس كروس‘ المؤلف من جراحي تقويم العظام والوجه والفكين والتجميل الذين تطوعوا بوقتهم للسفر إلى العراق لتمكين المجتمعات المهمّشة من الحصول على العلاجات المعقدة التي يستحيل بالنسبة لهم الحصول عليها بطرق أخرى.

ويقول أنريكيه شتايجر، أخصائي الجراحة التجميلية والترميمية، ومؤسس ’سويس كروس‘ الذي يقيم في مدينة زيورخ: "العديد من هؤلاء الأشخاص منسيون تماماً ... وفي الكثير من الحالات لا يكون باستطاعتهم المشي أو تحريك أصابعهم أو أيديهم. والبعض منهم لا يستطيع إغلاق أعينه أو حتى القضم. ولكن لأن إصاباتهم لا تشكّل تهديداً لحياتهم، فإن الخدمات الطبية العادية تتجاهلهم عموماً أو تغفل عنهم".

"لكن الأمر لا يتعلق بالبقاء على قيد الحياة فقط بل أيضاً بالكرامة وعدم الإحساس بأنهم عبء على أسرهم ومجتمعهم"، كما يوضح شتايجر الذي يضيف: "في حال تمكّنا من تقويم تشوهات هؤلاء الأشخاص وحفظ كرامتهم والسماح لهم بالعيش حياة طبيعية نوعاً ما والعودة إلى العمل لإعالة أسرهم، فأعتقد أننا نكون قد حققنا الهدف الذي ذهبنا هناك من أجله".

"لا يتعلق الأمر بالبقاء على قيد الحياة فقط بل بالكرامة أيضاً".

أنريكيه شتايجر، مؤسس ورئيس مجلس إدارة ’سويس كروس‘

ولمدة تسعة أشهر من كل عام، يقوم شتايجر بإدارة عيادة للجراحة التجميلية الحديثة في زيورخ حيث يجري عمليات شد البطن والوجه وغيرها من العمليات التجميلية لبعض الأشخاص الأكثر ثراءً في العالم.

لكن على مدى عقود كان شتايجر يأخذ إجازات تفرّغ للانضمام إلى البعثات الإنسانية التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة وغيرهما من المنظمات الإنسانية.

بدأ شتايجر التطوع في ناميبيا ومن ثم في جنوب غرب أفريقيا وعمل كذلك في البوسنة وكوسوفو والصومال ورواندا وسيراليون وليبيريا وباكستان وأفغانستان.

وفي أوائل عام 2014 ساهم في تأسيس برنامج للجراحة الترميمية في طرابلس في لبنان لصالح منظمة غير حكومية دولية كبيرة. غير أن انتشار كوفيد-19 تسبب في إلغاء هذا المشروع.

وعن ذاك يقول: "من وجهة نظري، أصبحت جميع هذه المنظمات الكبيرة تتجنب كثيراً المخاطر. إنهم يختبئون خلف الجدران وأصبحوا يفتقدون للتواصل مع الناس على الأرض".

ويضيف قائلاً: "أما أنا فأردت أن أفعل شيئاً مختلفاً. أردت تقديم مساعدات إنسانية تتماشى مع متطلبات القرن الحادي والعشرين، ويمكننا من خلالها استخدام خبراتنا ليس فقط لمساعدة المرضى بل لتمكين العاملين المحليين في مجال الرعاية الصحية وتدريبهم كذلك".

أراد شتايجر أيضاً أن يبحث عن طريقة تضمن أن يتمكن الأطباء العاملون في المجال الإنساني، الذين أصبحوا معرضين بشكل متزايد للخطر في مناطق النزاع، من تقديم الرعاية خارج ساحة المعركة. وهكذا أبصرت مؤسسة ’سويس كروس‘ النور.

image title
انريكيه شتايجر، مؤسس ’سويس كروس‘، يتفقد طفلاً مصاباً في أربيل، العراق.

بدأت ’سويس كروس‘ بأول مهمة طبية لها في عام 2021، حيث اصطحبت مجموعة صغيرة من الأطباء المتطوعين إلى مستشفى زين الدولي في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، لإجراء مجموعة من الجراحات الترميمية المعقدة.

ولا تعتبر هذه الجهود عملاً تطوعياً على الخطوط الأمامية، فأطباء ’سويس كروس‘ لا يعملون في مناطق الحرب. غير أن جهودهم هذه لا تقل أهمية عن ذلك، فهم يقومون بعمليات متخصصة للغاية يكاد يكون من المستحيل الحصول عليها في دول مثل العراق حيث أدت عقود من الصراع والبنية التحتية الصحية التي تعاني من نقص التمويل وسوء الإدارة إلى جعل هذا النوع من الرعاية التخصصية إما غير متاح في أغلب الأحيان أو يحتاج إلى البقاء على قوائم الانتظار لفترات طويلة جداً قد تمتد لسنوات عديدة في حالة اللاجئين وذوي الدخل المنخفض.

في الأشهر الـ 18 الأولى لانطلاقها، استقبلت ’سويس كروس‘، المسجلة كمؤسسة غير ربحية في زيورخ، أكثر من  1,250 إحالة وخلال خمس بعثات تمكنت من إجراء أكثر من 250 عملية جراحية معقدة لتقويم العظام والوجه والفكين وجراحات تجميلية، نحو نصفها إصابات حروق، و70 في المئة منها كانت لأطفال.

وتعمل ’سويس كروس‘ مع العديد من المنظمات غير الحكومية الموجودة في العراق لتلقي الإحالات، لاسيما مؤسسة بارزاني الخيرية ومبادرة نادية مراد بالإضافة إلى المنظمات الدولية كمنظمة أطباء بلا حدود.

وقامت ’سويس كروس‘ أيضاً بتطوير تطبيق للهاتف المحمول لمساعدة الوكالات التي تقوم بالإحالة على جمع ومشاركة المعلومات حول المرضى المحتملين الذين لم يحصلوا على العلاج خلال بعثات ’سويس كروس‘.

ويعد نظام الإحالة على مستوى القواعد الشعبية هذا أمراً مهماً للغاية لضمان الاستفادة من وقت الجراحين الزائرين بكفاءة، كما أنه يكفل تقديم متابعة طبية مناسبة بعد خضوع هؤلاء المرضى للجراحات.

وعلى عكس الجمعيات الخيرية الطبية الأخرى، لا يوجد لدى ’سويس كروس‘ مرافق دائمة في العراق، وإنما تقوم بحجز الأسرّة وغرف العمليات في المستشفيات المحلية. ويوضح شتايجر بالقول: "سيكون إنشاء مرفق جديد هدراً لأموال مانحينا. لا توجد حاجة لذلك، كما أنه يتعارض مع فلسفة منظمتنا التي تحاول أن تكون مرنة وسريعة الاستجابة قدر الإمكان".

كما تدار’سويس كروس‘ بفريق صغير وفعّال يتألف من رئيسها التنفيذي، الدكتور إيان فيرست، جراح الفم والوجه والفكين الكندي، بالإضافة إلى جراحها الرئيسي الدكتور والتر كونزي، وهو مثل شتايجر من سويسرا ومتخصص في جراحة الأعصاب والجراحة التجميلية والترميمية وجراحة اليد والجراحة العامة والرضية. ويحصل هؤلاء الأطباء على الدعم من موظفين ميدانيين هما الدكتورة ساريزه صابر والدكتور لاس آزاد، وكلاهما خريجان جديدان من كلية الطب بجامعة هولير الطبية في أربيل، بالإضافة إلى عدد قليل من الموظفين الآخرين الذين يعملون جنباً إلى جنب مع مجموعة متغيرة من المتطوعين الدوليين.

وإلى جانب إجراء الجراحة في العراق، يريد شتايجر أيضاً نقل المهارات التي تتمتع بها المجموعة إلى الأطباء الآخرين، ولذلك يعمل أطباء ’سويس كروس‘ مع الجامعات المحلية والجراحين المحليين. وعن ذلك يقول شتايجر: "لسنا هنا للتنافس مع المجتمع الطبي المحلي.. بل نريد مشاركته في تحمل العبء وتبادل المعارف والخبرات معه".

image title
(من اليسار إلى اليمين) جراح العظام المتطوع دياري قادر، ومؤسس ’سويس كروس‘ انريكيه شتايجر، والرئيس التنفيذي لـ ’سويس كروس‘ إيان فيرست في مستشفى زين بأربيل.

 من البوتوكس إلى علاج إصابات الحروب: حياتان مختلفتان لجراح

لم يخطط انريكيه شتايجر في البداية للعمل في المجال الإنساني، غير أن الفرصة التي أتيحت له في أواخر الثمانينيات غيرت مسار حياته. فبعد أن أمضى الطبيب الشاب خمس سنوات في التدريب الطبي، شعر بالملل وبدأ يخطط للسفر في رحلة إبحار حول منطقة البحر الكاريبي للابتعاد قليلاً عن الدراسة. لكن سرعان ما تغيرت خططه بعد أن عرض عليه الجيش السويسري قيادة فريق من الأطباء والممرضات مع فريق الأمم المتحدة للمساعدة في فترة الانتقال في ناميبيا (ثم في جنوب غرب أفريقيا).

ويتذكر شتايجر، وهو نصف سويسري ونصف أرجنتيني تلك الفترة: "كنت أتوق لمواصلة مسيرتي المهنية، وبدت لي بأنها فرصة جيدة... وعلى الرغم من أنني واجهت الكثير من الصعوبات إلا أنني أحببت التجربة والفوضى والشعور بأنني أستطيع مساعدة الأشخاص المحتاجين".

وبعد ناميبيا، رافق شتايجر الأمم المتحدة إلى الحدود مع أنغولا ومن ثم إلى الصحراء الغربية، وفي عام 1994، تم إرساله من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى رواندا وبوروندي في أوج  الإبادة الجماعية.

وعن تلك الفترة الأليمة والأثر الذي تركته في نفسه يقول شتايجر: "بعد أن شهدت مقتل 800,000 شخص في غضون أسابيع، أدركت أنني لن أستطيع العودة إلى الهدوء الذي كنت أحظى به في ملعب الجولف ... لقد غرست هذه التجربة في داخلي الالتزام بمساعدة الأشخاص المحتاجين. لقد أدركت أنني قادر على العيش في تلك البيئة وأن لدي ما يمكنني المساهمة به".

من رواندا، تم إرسال شتايجر في بعثات إلى البوسنة وكوسوفو والصومال ورواندا وسيراليون. كما عمل في باكستان وأفغانستان وليبيريا، متنقلاً لعقود بين مناطق تعاني من الفوضى واليأس الذي يستشري في مناطق الحرب والسكينة والهدوء في عيادته الراقية في زيورخ حيث يتم إجراء العلاجات التجميلية للنخبة العالمية.

ويقر شتايجر أنه تناقض غير عادي - أن تعالج يوماً الأشخاص الأكثر ضعفاً في العالم من إصابات الألغام الأرضية ومن ثم تجري عمليات زراعة الثدي أو شد الوجه لبعض أكثر الناس ثراءً في العالم.

لكنه واقعي أيضاً إذ يقول: "لقد تمكنت من تمويل ’سويس كروس‘ بفضل مرضاي في سويسرا. في بعض الأحيان يخبرني الناس أنهم محرجون لأنهم يطلبوا مني حقنهم بالفيلر، لكنني أخبرهم ألا يشعروا بالحرج لأنهم يجعلون عملي الآخر ممكناً".

ومعظم المرضى الذين عاينتهم ’سويس كروس‘ هم من اللاجئين أو النازحين داخلياً، والعديد منهم سوريون، وهناك أيضاً عدد كبير من اليزيديين من غرب العراق.

وتتنوع إصابات هؤلاء المرضى من حروق الدرجة الثالثة التي تحول دون تمكنهم من تحريك أطرافهم، والكسور التي لم تعالج أو التي تمت معالجتها بشكل سيئ فتركت الأشخاص غير قادرين على الحركة، إلى فقدان الأطراف بسبب إصابات ناجمة عن انفجارات الألغام الأرضية أو غيرها من الانفجارات.

كما يحتاج بعض الأشخاص إلى جراحات تصحيحية، مثل تقصير الأطراف، وبعضهم الآخر إلى نقل الأنسجة الجلدية العضلية، أو أشكال أخرى من الجراحات التجميلية المعقدة لتمكينهم من استعادة حركتهم فضلاً عن إعادة بناء ثقتهم بنفسهم.

ويتذكر فيرست، الذي يعمل في عيادة كورونيشن التخصصية لطب الأسنان في مقاطعة أونتاريو في كندا رجلاً أصيب في تفجير سيارة مفخخة نفذه تنظيم الدولة الإسلامية عند إحدى نقاط التفتيش.

"تعرض وجه الرجل لجروح بالغة بسبب الانفجار، وعلى الرغم من أنه قد خضع بالفعل لعمليتين جراحيتين أو ثلاث قبل أن نعاينه، إلا أنه كان يعاني من التهاب شديد في فكه منعه من تحريك لسانه. لقد كانت حالته سيئة جداً".

وبعد الخضوع لعمليتين جراحيتين، أصبح الرجل الآن قادراً على التحدث وتناول الطعام، والأهم من ذلك أنه لم يعد يعاني من الألم.

ويتذكر فيرست مريضاً آخر وهو رجل سوري صدمته سيارة في مخيم للاجئين بعد فترة وجيزة من قدومه إلى العراق. "لقد وصل على كرسي متحرك وكان مصاباً بكسر في عظم الفخذ لمدة تسع سنوات، منذ أن كان عمره 14 عاماً، على الرغم من خضوعه لأكثر من 20 عملية جراحية".

قام الدكتور سارخيل رضا، مختص الجراحة الرضية المقيم في المملكة المتحدة الذي تطوع مع ’سويس كروس‘، بإجراء عملية جراحية للرجل وبعد ثلاثة أشهر من العلاج والكثير من إعادة التأهيل، تمكّن أخيراً من الوقوف مجدداً على قدميه. ويقول فيرست: "بعد أن وضع عكازيه جانباً، كانت رؤية رجل يبلغ من العمر 23 عاماً يمشي بعد تسع سنوات من الجلوس على كرسي متحرك أمراً رائعاً حقاً".

وهناك أيضاً ذلك الصبي من سنجار الذي أصيب وجهه بشظايا انفجار. وبالطبع أحمد الصغير من سوريا.

ويقول فيرست: "بصراحة، هناك الكثير من الإصابات وكل واحدة تختلف تماماً عن الأخرى... ولكن ليس نوع الإصابة أو الطريقة التي أصيبوا بها هو المهم بالنسبة لي. يجد الناس أنفسهم في هذه الظروف بسبب الموارد الشحيحة جداً، لذا فإن حقيقة وجودنا هناك وحتى معاينتهم فقط يمنحهم الأمل".

ويتابع بالقول: "هذا الجزء من العمل يعني الكثير بالنسبة لي. أريد أن يشعر الناس بالأمل وأن يعرفوا أن بقية العالم مهتم ويريد المساعدة".

"هذا الجزء من العمل يعني الكثير بالنسبة لي. أريد أن يشعر الناس بالأمل وأن يعرفوا أن بقية العالم مهتم ويريد المساعدة".

إيان فيرست، الرئيس التنفيذي، ’سويس كروس‘

أنشأ شتايجر ’سويس كروس‘ بأمواله الشخصية وبمساهمات من المرضى والأصدقاء. وقد تسنى للمنظمة غير الحكومية إجراء عملياتها في العراق بفضل تبرع حصلت عليه عام 2021 من حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة.

نشأت الشراكة بين المنظمة والمساعدات الإماراتية عندما قام صديق مقرب من شتايجر بتقديمه إلى محمد الشيباني، مدير عام ديوان صاحب السمو حاكم دبي، الذي قام بدوره بتقديمه إلى ريم الهاشمي، وزيرة دولة الإمارات العربية المتحدة لشؤون التعاون الدولي.

وعن هذه الشراكة يقول شتايجر: "تتمتع معاليها بمعرفة كبيرة واهتمام وفهم عميق للعمل الإنساني ... ولذلك لم أحتج إلى الكثير من الوقت لإقناعها بدعم ’سويس كروس‘، وبفضلها تمكّنا من بدء عملنا في العراق".

كانت أموال المساعدات الإماراتية نقطة انطلاق مهمة بالنسبة لـ ’سويس كروس‘، لكن المنظمة حريصة على توسيع مصادر تمويلها من الحكومات الأخرى وكذلك الجهات المانحة الخيرية. ويقول شتايجر أن ما شجعه هو اهتمام العديد من المانحين الأكراد من القطاع الخاص الذين أرادوا تقديم الأموال مقابل جلب فريق ’سويس كروس‘ إلى مدن أخرى لاسيما السليمانية.

ويوضح فيرست بالقول: "نحاول العثور على أشخاص يفهمون السياقات التي نعمل فيها، ويدركون قيمة علاج الإعاقة والأثر الطويل المدى للقيام بذلك".

ويضيف قائلاً: "إذا تمكنا من مساعدة شخص ما على المشي من جديد، فإن الآثار الاقتصادية المضاعفة لذلك على عائلته ومجتمعه ستكون هائلة. فهؤلاء الأشخاص لن يصبحوا فقط قادرين على كسب قوت يومهم بل سيُرفع عن أسرهم عبء العناية بهم كذلك. إنها تكلفة أولية صغيرة لتحقيق فائدة طويلة الأجل".

ولدى شتايجر طموح كبير لنموذجه في الرعاية المتخصصة التي تتميز بالمرونة وقابلية التكيف. وعن ذلك يقول: "تعتبر أربيل دليلاً على [نجاح] هذا المفهوم... لكننا لا نريد التوقف عند هذا الحد. نريد أن نرى ما إذا كان بإمكاننا مشاركة ما نقوم به من أجل إلهام جيل جديد من العاملين في المجال الإنساني".

وجزء من رؤيته هو تأسيس مركز للتدريب في المجال الإنساني (لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) في مكان حيوي مثل الإمارات العربية المتحدة وإحضار الأطباء من أماكن مثل العراق والصومال وأفغانستان وإثيوبيا وفلسطين من أجل تزويدهم بالأدوات اللازمة لتقديم الرعاية الصحية المتخصصة في البيئات الهشة التي تعاني من محدودية الموارد".

ويختتم شتايجر بالقول: "أريد أن تعمل ’سويس كروس‘ كمحفز لتوحيد مجتمع من المنظمات من أجل تبادل الأفكار فيما بينها والتوصل للطرق المناسبة للعمل سوياً مع منظمات مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الأخرى، لتعزيز الجهود التي يمكننا جميعاً بذلها في بيئة تعاني دائماً من موارد محدودة، وفي نهاية المطاف مساعدة عدد أكبر من الأشخاص".- PA