كما تعمل لومينوس على إعادة تشكيل بعض دوراتها لكي تأخذ بالاعتبار بعض التغيرات المتوقعة في احتياجات سوق العمل لمرحلة ما بعد الجائحة، وتضمن تزويد طلابها بالمهارات التي تسهل حصولهم على فرص عمل جيدة. 
يشرح الصفدي هذا التوجه، قائلاً: "نحن نعلم، على سبيل المثال، أن قطاعي الضيافة والنقل سيتأثران بالوضع الحالي. لذا، فإن دورة قصيرة في مجال الإدارة في قطاع الضيافة لن تثمر عن فرص عمل في الوقت الراهن". ويضيف: "عوضاً عن هذا، نحن ننظر في القطاعات المقبلة على النمو، مثل الرعاية الصحية وتقنياتها، والتقنيات الزراعية، وتصميم ألعاب الفيديو، وأمن الفضاء الحاسوبي. نحن نعمل على بناء القدرات في مثل هذه المجالات". 
مشاركة رواد العطاء
لقد شهدت منطقة الشرق الأوسط تقديم تبرعات مالية سخية بهدف إعانة الفئات الأكثر تضرراً من فقدان وظائفها وأرزاقها بسبب الأزمة التي خلقتها جائحة كوفيد-19. واليوم يبادر المانحون لمساعدة الطلاب الأكثر عرضة في المنطقة لكي يستمروا في متابعة تحصيلهم العلمي مع استمرار إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات. 
في هذا السياق، أعلن صندوق 'التعليم لا يمكن أن ينتظر' (ECW)، وهو مبادرة تأسست عام 2016 على يد مجموعة من الفاعلين في مجال المساعدات الدولية ومانحين من القطاع الخاص، عن تقديم منح عاجلة بقيمة 23 مليون دولار لمجموعة من الجهات المستفيدة في 26 دولة. 
كان نصيب منظمة الأونروا منحة بقيمة مليون دولار لمساعدتها على تعزيز الدعم التربوي والنفسي لما يزيد عن نصف مليون طالب فلسطيني لاجئ في المنطقة. كما استلمت منظمتا اليونيسيف و'أنقذوا الأطفال' منحة بقيمة 850,000 دولار من هذا التمويل. وتم تقديم منح أخرى لكل من اليمن وسوريا وأفغانستان. 
وأكدت مديرة صندوق 'التعليم لا يمكن أن ينتظر'، ياسمين شريف، على أن صرف هذه الأموال بسرعة لمن هم أكثر حاجة لها كان من أهم الأولويات للصندوق، كما نادت شريف بضرورة أن يتقدم مانحون آخرون لدعم التعليم. وصرحت في رسالة إلكترونية بأن "الأزمات لا تحتمل التأخير، بل هي حافز للمباشرة باتخاذ القرارات". 
وفي استجابة عاجلة لشبه تعطل قطاع التعليم من جراء الأزمة التي سببتها جائحة كوفيد-19، أعلن رائد العطاء الإماراتي عبد العزيز الغرير، رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم، عن إطلاق صندوق لتعليم اللاجئين عبر الإنترنت. تسعى المبادرة إلى تقديم الدعم إلى 6,000 طالب وطالبة من الفئات الأكثر تضرراً بالأزمة في كل من الأردن ولبنان من خلال تزويدهم بأجهزة كمبيوتر محمولة ولوحية وربطاً بالإنترنت، بالإضافة إلى الدعم التقني للمحتوى الرقمي والدعم عبر الإنترنت من قبل المعلمين.  
قامت المبادرة تحت مظلة 'صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين' الذي أطلقته مؤسسة عبدالله الغرير للتعليم في عام 2018 لمساعدة الشباب اللاجئين في لبنان والأردن والأطفال العرب من رعايا الدول التي تعاني من حروب وكوارث من القاطنين في الإمارات العربية المتحدة على متابعة تعليمهم، وذلك من خلال تقديم الدعم المالي لمزودي الخدمات التربوية المحليين، مثل شركة لومينوس التي قدمت لها المؤسسة التمويل لتوفير حواسيب محمولة. 
أما 'دبي العطاء'، وهي مؤسسة خيرية تربوية أسسها حاكم دبي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فقد أطلقت في شهر أبريل حملة جمع تبرعات لتوفير أجهزة كمبيوتر للطلاب الذين يفتقدون لها في منازلهم لتمكينهم من متابعة تعلمهم خلال فترة إغلاق المدارس. 
وكانت الحملة التي أطلق عليها اسم 'التعليم دون انقطاع' تستهدف في البداية الطلاب في إمارة دبي، لكن تم توسيع نطاقها ليشمل جميع إمارات الدولة ويستفيد منها جميع الطلاب من ذوي الدخل المتدني من جميع الجنسيات المقيمة في الدولة. 
وقد أفاد طارق القرق، الرئيس التنفيذي لدبي العطاء، بأن وزارة التربية والتعليم في الإمارات كانت قد وزعت 50,000 جهاز حاسوب محمول على الطلاب المستهدفين، وأنه يأمل أن تتمكن مؤسسته من توفير 40,000 جهاز إضافي. 
وأضاف القرق قائلاً: "يجب ألّا ننسى أحداً في دولة الإمارات [بنهاية هذه الحملة]، فأجهزة الحاسوب المحمول هي بمثابة الكتب المدرسية. إذا كنت طالباً في المرحلة الثانوية أو الإعدادية، أو كنت مواطناً أو من أي جنسية أخرى، فأنت تستحق أن يكون لديك حاسوب محمول، وهذا حقّك". 
الاستعداد للمستقبل
بالإضافة إلى هذه الحملة المحلية، تقوم دبي العطاء بأداء دور أوسع ضمن الاستجابة العالمية لجائحة كوفيد-19، وذلك من خلال عضويتها في التحالف العالمي للتعليم الذي أطلقته اليونيسكو في نهاية شهر مارس بعد إغلاق المدارس حول العالم. 
في حديث له حول هذا التحالف، قال القرق: "نحن بحاجة إلى أن نعمل سوياً لخلق نظام عالمي. يجب علينا أن نتعلم من الدول التي أتقنت ممارسات التعلم عن بُعد كاستجابة مباشرة، وأن نتعلم أيضاً من أخطائنا ومن الفجوات القائمة وحتى من الهفوات". 
ولا شك أن التحديات التي فرضها الإغلاق بسبب فيروس كورونا هي كبيرة ومتشعبة، إن كان على مستوى المدارس أو المعاهد والجامعات، أو المعلمين والطلاب. لكن في نفس الوقت، وفرت هذه الأزمة فرصة غير مسبوقة ليس فقط لإعادة التفكير في عملية التعليم والتعلُّم، لكن على صعيد جعل التعليم شاملاً لجميع فئات الطلاب بشكل حقيقي. 
وفي مدونة كتبتها كبيرة زملاء معهد بروكينغز بالمشاركة مع مولي كرتيس، تقول جيني بيرلمان روبنسون: "إحدى الجوانب التي تبعث على الأمل في خضم هذه الأزمة هو أنها جعلتنا نعيد تخيل مفهوم التعليم في القرن الواحد والعشرين: ما يمكن – ويجب – أن يكون عليه". 
وتتابع المدونة الحديث: "قد يشمل هذا مضاعفة الاستثمار في التعليم من قبل المجتمع الدولي لضمان استمرار فرص التعلم خلال الأزمات وفترات عدم الاستقرار، بالإضافة إلى استكشاف القدرات التي يمكن للتعليم عن بُعد أن يوفرها بشكل أعمق". 
في الختام، تحذر المدونة من أنه على الرغم من الدور الرئيسي الذي تلعبه التكنولوجيا في توسيع نطاق واستخدام فرص التعلُّم عن بُعد، إلّا أنها ليست "العلاج لكل داء، فتقول: "لا بد من التصدي لخطر أن تؤدي التكنولوجيا إلى توسيع الفجوة وزيادة أوجه عدم المساواة". — PA