من التعليم عبر الهاتف الذكي، إلى التمكين المالي، نلتقي بأصحاب المشاريع الاجتماعية الذين يستخدمون التكنولوجيا لتغيير العالم

image title

فك شيفرة التقدم

ألكسندرا كلير - العراق


أصبح اسم العراق مرادفاً للصراعات والمعاناة أكثر من أي شيء إيجابي مثل كتابة شيفرات برمجة الكمبيوتر. إن المشاكل الاقتصادية التي قامت في العقد الماضي، والتي تفاقمت بسبب صراع البلاد مع منظمة داعش الإرهابية لمدة ثلاث سنوات، تركت العراق يعتمد بشكل كبير على النفط، بينما تدنت مستويات الفقر وارتفع معدل البطالة بشكل كبير ليبلغ نحو 40 بالمئة بين الشباب. إن منح الشباب فرصة النفاذ إلى الاقتصاد الرقمي، وتزويدهم بالمهارات التقنية التي يحتاجونها لتأمين العمل عن بُعد عبر الإنترنت من شأنه أن يساعد في تحسين هذا الوضع، حسب ما تقول ألكسندرا كلير.

ألكسندرا كلير هي الشريك المؤسس لمنظمة "ريكودد" (Re:Coded) غير الربحية التي توفر برامج تدريبية على البرمجة للشباب في مناطق النزاعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تأسست هذه المنظمة في نيويورك عام 2017، بعد أن شهدت كلير حجم مشكلة البطالة في العالم العربي. وتوضح ذلك فتقول: "أثناء رحلاتي إلى العراق عام 2014، وجدت أن 3 بالمئة فقط من الشباب النازحين يحصلون على التعليم. وكانت فرص العمل نادرة أيضاً".

شاركت كلير سابقاً في إطلاق 'مسرّع الابتكار الإنساني' في مختبر الحوكمة (GovLab) بجامعة نيويورك، والذي ساعد على تطوير حلول لمساعدة الأشخاص المقيمين في مناطق الكوارث والصراعات.

توضح كلير سبب إنشائها لمنظمة "ريكودد" قائلة: "قابلت أكثر من 400 شاب وسألتهم عن المهارات التي يريدون تعلمها". وعندما أجاب أكثر من 98 بالمئة منهم "التكنولوجيا"، ولدت لحظتها فكرة إنشاء منظمة "ريكودد" للتدريب على البرمجة.

تعاونت كلير مع رائد الأعمال مارسيلو بوناتو، الذي كان يعمل مع الشباب المتأثرين بالصراعات في غرب أفريقيا، لتأسيس "ريكودد". ومنذ ذلك الحين، أكملت المنظمة تدريس البرمجة لأكثر من 450 شاباً وطفلاً في العراق وتركيا واليمن، باستخدام مناهج تجمع ما بين الدراسة عبر الإنترنت وأخرى في فصول دراسية.

يتم منح الطلاب المقيمين في مناطق تعتبر خطرة بشكل خاص راتباً لتعويض تكاليف النقل وفرصة الحصول على كمبيوتر محمول من خلال برنامج للقروض الميسرة. كما يستفيد المتدربون أيضاً من الارشاد المهني وفرص التلمذة المهنية. وبالنسبة لأولئك الطامحين بريادة مشاريعهم الخاصة، توفر لهم أكاديمية ناشئة للتكنولوجيا الإرشاد والتدريب على المهارات المطلوبة.

كانت النتائج الأولية للبرنامج مشجعة. وتوضح كلير ذلك قائلة: "يعمل 88 بالمئة من طلابنا الآن كمطورين للبرامج، ويكسبون على الأقل ثلاثة أضعاف ما كانوا يكسبونه من قبل". وتضيف بأن أكثر من 40 بالمئة من الطلاب هم من الإناث.

وكما هو الحال في العراق، أدت ثماني سنوات من الصراع في سوريا والأزمة الإنسانية المستمرة في اليمن إلى تشريد الملايين في المنطقة من ديارهم. ومع الجمود الاقتصادي السائد، شحّت فرص العمل وأصبح الكثيرون يعملون في القطاع غير الرسمي، حيث الأجور منخفضة والاستغلال مستفحل.

وتعلق كلير قائلة: "هذا يدعو للقلق خاصة بالنسبة للشباب الحاصلين على شهادة جامعية ويحلمون بغد أفضل". وتضيف: "إن تعلم البرمجة يسمح للشباب بتحسين فرصهم من خلال الانضمام إلى الاقتصاد الرقمي، ما يجنبهم أيضاً اللجوء إلى أساليب تكيف سلبية بسبب ظروفهم الصعبة".

الإنترنت هي بمثابة شريان الحياة للنفاذ إلى الأسواق الدولية، مما يسمح للمتدربين بالعمل كمطورين عن بُعد أو بدء شركاتهم التكنولوجية الناشئة. كما تساعدهم الإنترنت أيضاً على الترويج لأعمالهم في الأسواق الإقليمية، حيث يزداد الطلب على المحتوى المكتوب باللغة العربية. وترى كلير أن هذا الحل يمكن أن يساعد في الوقت ذاته على تلبية احتياجات متزايدة أخرى، وتوضح قائلة: "نحن نساعد أيضاً على سد النقص في المهارات التقنية العالمية، التي تكلف الاقتصاد العالمي نحو 8.5 تريليون دولار سنوياً من الإيرادات غير المحققة".

تتلقى منظمة "ريكودد" حالياً تمويلاً من عدة جهات لديها اهتمام بدفع عجلة التقدم في المنطقة من خلال الابتكار، تشمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومؤسسة ويسترن يونيون، ومؤسسة أسفاري، وشركة غوغل.

وتساهم الإيرادات الناتجة عن تقديم "ريكودد" خدماتها التقنية في الدفع بهذا الاتجاه أيضاً. فقد أطلقت المنظمة العام الماضي شركة رقمية لإنشاء منتجات تقنية للمنظمات العالمية.

وتقول كلير: "توفر الرسوم التي نتقاضاها عن الخدمات دخلاً للمواهب التي تتخرج من معسكرات التدريب الخاصة بنا، هذا من جهة؛ أما من جهة أخرى، نحن نعيد استثمار 50 في المئة من الإيرادات التي نحققها لدعم نموذجنا التعليمي، وهذا سيضمن قدرتنا على الاستدامة مالياً على المدى الطويل".

وإلى جانب مسألة التمويل، تعد عملية البحث عن خبراء تقنيين لتدريب المشاركين تحدياً كبيراً. وعن ذلك، تقول كلير: "نحن في وضع جيد للبدء في توسيع نطاق هذا النموذج". وتضيف: "ولتحقيق ذلك، نرغب بالاستثمار بكثافة في برنامج المدربين لضمان مساهمتنا في بناء القدرات المحلية".

وتخطط منظمة "ريكودد" للتوسع في مصر والأردن وإدراج تقنيات الذكاء الاصطناعي وسلسلة الكتل (بلوك شين) في برامجها التدريبية. توضح كلير ذلك قائلة: "إذا لم نستثمر في هذه التقنيات الآن، فسوف ينتهي الأمر بشباب المنطقة إلى المزيد من الهجرة الجماعية وزيادة الفجوة في الدخل". وتضيف: "نعتقد أنه يمكن لشبابنا أن يصبحوا قادة في مجتمعاتهم، ما سيكون له أثر قوي وقيمة مضاعفة".

"إن تعلم البرمجة يسمح للشباب بالانضمام إلى الاقتصاد الرقمي وتجنب اللجوء إلى أساليب تكيف سلبية بسبب ظروفهم الصعبة".


image title

وصفة التغيير

فاطمة ناصر - ليبيا


كما يقول المثل، قد يولد الإبداع من رحم المعاناة، إذ غالباً ما تتكون لدى من يواجهون أقسى المشكلات الاجتماعية والاقتصادية رؤى خلاقة حول كيفية حل تلك المشكلات. هكذا هو الحال مع فاطمة ناصر، رائدة الأعمال الليبية التي تبلغ من العمر 21 عاماً، التي سعت من خلال تطبيق توصيل الطعام، "يمي" (Yummy)، إلى توفير فرص عمل للنساء في بلدها الذي مزقته الحرب.

أسست ناصر وشريكتها عزيزة آدم شركة "يمي"، حيث وفرت للمرأة سوقاً عبر الإنترنت لبيع وجبات الطعام. تشبه خدمة "يمي" نوعاً ما خدمة أوبر لتوصيل الطعام "أوبر إيتس"، ولكن الفرق هو أنه طعام منزلي. عندما يطلب العملاء طبقاً من الطعام، يربطهم تطبيق "يمي" بطباخة يمكنها إعداد هذا الطبق في منزلها، ثم يربطهم التطبيق بسائق لتوصيل الطلب.

يمكن للنساء من خلال تطبيق "يمي" العمل من المنزل دون الإفصاح عن هويتهن، وتلقي طلبات الطعام من الرجال دونما حاجة للتفاعل معهم. ويعتبر هذا الأسلوب طريقة مقبولة اجتماعياً للنساء الليبيات لكسب لقمة العيش من مطبخهن، في مجتمع محافظ جداً لا يشجع النساء على العمل خارج المنزل بسبب المخاوف الاجتماعية والأمنية. وتشير بيانات البنك الدولي، إلى أن واحدة فقط من كل أربع نساء ليبيات تعمل.

وتقول ناصر: "أردنا مساعدة تلك النساء اللواتي بدأن أعمالهن الخاصة من المنزل على الرغم من كل العقبات التي تعترضهن. وقد نظمنا العملية لنساعدهن على القيام بذلك بطريقة لا تتطلب منهن كسر الحدود الاجتماعية أو التواجد في بيئة يتدنى فيها مستوى الأمن".

كانت ليبيا الغنية بالنفط ذات يوم واحدة من أغنى بلدان الشرق الأوسط، لكن اقتصادها يعاني منذ سنوات من الصراع والانقسام السياسي. وتقول ناصر إن العديد من الأسر تكافح الآن من أجل البقاء بالاعتماد على دخل الذكور وحدهم، بينما توجد حاجة اقتصادية متزايدة لعمل النساء. وتوضح ذلك قائلة: "لا توجد سيولة مالية في ليبيا، ولا يمكن لمعظم النساء الخروج بسبب القيود - سواء الاجتماعية أو الأمنية". وتضيف: "الأمور تزداد صعوبة".

تحصل ناصر وشريكتها في المشروع على 10 بالمئة من إيرادات مبيعات الطعام التي تتم عبر تطبيق "يمي"، و10 بالمئة من رسوم التوصيل. وتضم قاعدة بيانات التطبيق الذي لايزال في مرحلة الاختبار 500 طباخة، وتلقى 400 طلب من سائقين محتملين. لكن المشروع واجه في البداية تحدياً أوسع في التغلب على ضعف الكهرباء والإنترنت في ليبيا.

وتهدف ناصر إلى إضفاء طابع رسمي على صناعة تزويد الطعام من المنازل، والتي ازدهرت منذ بدء الحرب، وبالتالي مساعدة النساء المحليات على تنمية دخولهن. وتقول ناصر: "غالبية تلك النساء، إن لم يكن جميعهن، يعملن في قطاع الاقتصاد الرمادي، أي أن الدولة لا تستفيد من عملهن، ولا يحصل العملاء على منتج مضمون قانوناً".

بدأ مشروع "يمي" بتمويل ذاتي حتى عام 2017 حين تمت تسميته كواحد من ثلاثة فائزين في الدورة الأولى من مسابقة "إنجازي" لرواد الأعمال في ليبيا – وهي مشروع مشترك بين منتدى إم.آي.تي لريادة الأعمال في العالم العربي، وشركة "تطوير للأبحاث"، تم تصميمه للمساعدة في تنويع الاقتصاد الليبي الذي يعتمد بشكل أساسي على النفط. وقد مكنت الجائزة البالغة قيمتها 90 ألف دينار ليبي (65 ألف دولار) ناصر وشريكتها من تحقيق طموحاتهما في نقل المشروع إلى آفاق جديدة، إذ تأمل ناصر أن تتمكن في السنة الأولى من ضم حوالي 600 طاهية جديدة إلى المشروع في جميع أنحاء ليبيا، وجذب 2,000 عميل.

وفي تطلعها للمستقبل، فإن الاستدامة هي هدف ناصر، فتقول: "لن نحتاج إلى المزيد من التمويل، فمشروعنا يمكن أن يكون مربحاً، بينما يحدث التأثير الإيجابي على المجتمع الليبي".

وتنتمي ناصر إلى أسرة ناشطة في مجال العمل النسائي، فوالدتها مؤَسِسَةُ الاتحاد النسائي في جنوب ليبيا. وما دفع ناصر إلى تأسيس مشروع "يمي" لم يكن الربح بقدر ما كان دعم التغيير المرتبط بدور المرأة. وتقول ناصر: "لقد تمت تنشئتي كي أخرج وأعمل. أردت أن أقدم هذه الفرصة للنساء الأخريات. لقد رأيت الكثير من الفرص الضائعة بسبب القيود المفروضة على المرأة".

وتؤكد ناصر على أن الاستثمار العاطفي في النساء سيفيد المجتمع ككل، فتقول: "يشجع مجتمعنا الرجال على الخروج وبناء أعمالهم الخاصة وجني المال، لكنه يحاول الحفاظ على فتياتنا آمنات في المنزل، وتوفير كل ما يحتجن إليه. في رأيي، هذه ليست الطريقة الصحيحة لبناء مجتمع معافى ومزدهر".

"لا تتوفر سيولة مالية في ليبيا ولا يمكن للنساء الخروج بسبب القيود الاجتماعية".


image title

تعليم الآباء على تعليم الأبناء

سنيها شيث - الهند


لدى الهند مشكلة تعليمية. ففي حين نجح سادس أكبر اقتصاد في العالم في جلب المزيد من الأطفال إلى المدارس – إذ ازداد عدد الأطفال الملتحقين بها اليوم بحوالي 100 مليون طفل مقارنة بعقد مضى - إلا أن معدلات التسرّب من المدارس لاتزال كبيرة ومخرجات التعلُم لاتزال بائسة.

"دوست إيديوكيشن" (Dost Education) هي منظمة غير ربحية مقرها في الولايات المتحدة والهند، تعمل على مساعدة الأهل ذوي الدخل المتدني على تولي مسؤولية تعليم أطفالهم. وتقول سنيها شيث، الشريك المؤسس لـ "دوست إيديوكيشن": "إن حجم المشكلة هائل. يوجد في الهند اليوم 150 مليون امرأة أميّة، ولا يستطيع سوى نصف الأطفال الذين يصلون إلى الصف الخامس القراءة، كما أن مستواهم لا يتعدى مستوى الصف الثاني".

بلغ معدل الأمية لدى البالغين في الهند أكثر من 287 مليون شخص، وفق تقرير اليونسكو لعام 2014 (37 بالمئة من إجمالي الأميين في العالم)، لكن العديد من الخبراء يعتقدون أن هذا العدد قد تضخم كثيراً اليوم. فاحتمال تعلم الأطفال للقراءة والكتابة يتضاءل في العائلات التي يكون فيها كلا الوالدين أميين، ولا يعرفان كيف يدعمان عملية التعلُم لدى أطفالهما. وتؤكد شيث أن الأمر لا يتعلق بنقص الدافع لدى الأهل، فعندما يمتلك الأهل ذوي الدخل المتدني أنفسهم شيئاً من التحصيل العلمي، وإن كان قليلاً، يفعلون عادة ما بوسعهم لمساعدة أطفالهم على التعلم في سنوات تعليمهم الأولى التي تشكل اللبنات الأساسية للتعليم الجيد.

أسست شيث عام 2015 منظمة "دوست إيديوكيشن" بالشراكة مع سندوجا جيبال، زميلتها في الدراسات العليا في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، في محاولة لكسر حلقة الأمية المغلقة في الهند. تلقت المنظمة دعماً تمويلاً من مؤسسة مولاغو، ساعدها على بناء نموذجها الذي يستفيد من الانتشار الواسع لاستخدام للهواتف الذكية في الهند لتقديم نشرات تعليمية صوتية (podcasts) إلى الأهل ذوي الدخل المنخفض عبر الاتصالات الهاتفية. ترى شيث أن الدروس القصيرة حول مواضيع مثل الأكل الصحي وجمع الخضروات واستكشاف مفاهيم الأشكال والأحجام تساعد الأهل الذين تتراوح أعمار أطفالهم بين عامين وثمانية أعوام على التعامل مع المشاكل التعليمية اليومية التي يواجهونها عادة مع أطفالهم. وتقول شيث: "نهدف إلى دفع الأهل إلى تحويل الفترات العادية التي يقضونها مع أطفالهم إلى جلسات تعليمية".

وتستطرد شيث، قائلة: "بما أن 90 بالمئة من أدمغتنا تنمو قبل سن السادسة، فهذا يعني أن كل لحظة في مرحلة الطفولة المبكرة هي لحظة تعلُم". وتضيف: "قد لا يكون لدى الأهل الأقل إلماماً بالقراءة والكتابة الوقت أو الموارد أو المعرفة بكيفية تعليم أنفسهم كيف يدعمون النمو العقلي لأطفالهم خلال سنوات تعليمهم الأولى، ولكن الشيء المدهش هو أنه مهما كان مستوى معرفة الوالدين بالقراءة والكتابة يمكنهما دائماً المساعدة. إنهما بحاجة فقط إلى القليل من الدعم".

وعندما أطلقت منظمة "دوست إيديوكيشن" أدواتها التعليمية عام 2017، كان لديها 300 مستخدم فقط. أما اليوم فبلغ عدد مستخدمي هذه الأدوات 300 ألف عائلة في مومباي ودلهي وبوبال. وتخطط شيث لتوسيع نطاق نشراتها التعليمية الصوتية "فونكاستس" التي تبث عبر الهواتف لتصل إلى مليون عائلة بحلول عام 2021. وتقول: "سنقوم بتحسين نموذج الخدمات التي نقدمها كي يصبح تأثيرها أعمق".

وعادة ما يكون مستخدمو برنامج "دوست" أمهات حصل معظمهن على تعليم ثانوي أو أقل، ولديهن عائدات عائلية تتراوح بين دولار وعشرة دولارات في اليوم. وتقول شيث أن ردود فعل الأمهات كانت إيجابية بشكل خاص. فقد أصبح أكثر من 90 بالمئة من الأهل الذين سجّلوا في البرنامج مستخدمين نشطين لبرنامج "دوست"، وأفاد 70 بالمئة منهم أنهم أفادوا عائلاتهم. وتقول شيث: "إنهم يخبروننا أن خدمات دوست هي بمثابة تذكير يومي وبنك أفكار حول كيفية بناء علاقة إيجابية مع أطفالهم".

وترى شيث أن قيمة "دوست" تكمن في قدرتها على تقديم أكثر من مجرد خدمات تقنية. فالبرنامج يعمل أيضاً على تتبع وتيرة استخدام الأهل خلال الدورة التي تستمر لمدة 24 أسبوعاً والمعرفة المكتسبة والتغيرات التي تطرأ على سلوكهم على المدى الطويل. لكن التقدم في التكنولوجيا والتعليم في الهند لم يخطُ إلى الأمام بالسرعة المطلوبة، لذا فإن إقناع الأهل باستثمار وقتهم في نموذج تعليمي جديد لايزال أحد التحديات الرئيسية التي تواجه "دوست"، كما تقول شيث.

لكن على الجانب الآخر، كان إقناع المانحين بالمشروع مسألة أبسط. فقد انضم إلى مؤسسة مولاغو كل من "واي كومبينيتر" الأمريكية، و"جينا كوليكتيف" الاستشارية، ومؤسسة شينتو جوديا. وتقول شيث: "لحسن الحظ، وجدنا ممولين رائعين، يؤمنون بالرؤية الطويلة المدى".

وتعترف شيث في الوقت نفسه بالتحديات التي تواجه الشركات الناشئة غير الربحية. وتشرح ذلك قائلة: "نحن نبني برنامجاً قابلاً للتطوير والتوسع، ما يعني أن السنوات الأولى منه تتطلب استثمارات أكبر. لكن للأسف، يتبنى المانحون عادة في نموذج التمويل غير الربحي فلسفة معاكسة: منح التمويل بوفرة للمؤسسات الكبيرة التي أثبتت نفسها، وليس للمؤسسات الصغيرة التي تبتكر حلولاً لمشكلات في مجالات جديدة".

وتأمل شيث بعد عام 2021 أن تعمل بشكل وثيق مع حكومات الولايات الهندية لدمج مكونات "دوست" الأكثر فعالية من حيث التكلفة في نظام التعليم العام المبكر. وتعمل شيث في غضون ذلك على جذب الاهتمام بالبرنامج من خارج البلاد.

وتختتم شيث بقولها: "لقد وجدنا اهتماماً كبيراً من دول مثل إندونيسيا وكينيا. يمكن أن يعمل نموذج دوست في أي مكان، حتى خارج البلدان النامية. لكننا نركز على إتمامه على أفضل وجه في الهند أولاً".

"إن تعلم البرمجة يسمح للشباب بالانضمام إلى الاقتصاد الرقمي وتجنب اللجوء إلى أساليب تكيف سلبية بسبب ظروفهم الصعبة".