المانحون العرب يستجيبون للأزمة الإنسانية في غزة

الحكومات والجمعيات الخيرية من كافة أنحاء المنطقة تتبرع بالأموال ومواد الإغاثة لدعم الفلسطينيين المتضررين من الحرب على غزة.

مع ارتفاع عدد المدنيين الذين يلقون حتفهم بسبب الحرب على قطاع غزة، يسارع العديد من المانحين من كافة أنحاء المنطقة العربية لدعم المدنيين المتأثرين بالأزمة الإنسانية هناك، متعهدين بالتبرع بملايين الدولارات لوكالات الإغاثة.

فقد أعلنت حكومات كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن عن تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في حين وجه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، بتقديم مساعدات عاجلة بقيمة 50 مليون دولار للفئات المحتاجة من خلال مؤسسته مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية.

في أثناء ذلك، تواصل المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي تقديم الدعم للعديد من وكالات الإغاثة، لاسيما منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، من أجل جمع الإمدادات الطبية والغذائية الأساسية ونقلها إلى مصر ولبنان.

كما تم إرسال الطائرة الأولى، التي حملت على متنها 11 طناً من الإمدادات المتنوعة، إلى العريش في محافظة شمال سيناء في مصر لتنضم إلى المخزون المتزايد من المساعدات الإنسانية التي تنتظر أن يتم نقلها إلى قطاع غزة المحاصر عبر معبر رفح الحدودي الذي لا يزال مغلقاً حتى اللحظة.

وقالت كورين فليشر، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا: "يجب أن يُسمح لنا بإدخال هذا الغذاء إلى غزة لتوزيعه على الفور، وليس مرة واحدة فقط. نحن بحاجة إلى الوصول بشكل دائم". وأضافت فليشر أن "الوضع هناك كارثي ومخزوننا داخل غزة ينفد. إن كل يوم يمر يدفع المزيد والمزيد من الناس إلى الاقتراب من المجاعة".

"إن كل يوم يمر يدفع المزيد والمزيد من الناس إلى الاقتراب من المجاعة"

كورين فليشر، المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا

وكان انفجار قوي قد وقع في 17 أكتوبر في مستشفى مكتظ بالمرضى والنازحين في مدينة غزة أودى بحياة نحو 500 فلسطيني ليصبح الحادث الأكثر دموية منذ أن شنت إسرائيل حملة قصف لا هوادة فيها على قطاع غزة المكتظ بالسكان رداً على هجوم نفذته حركة حماس عبر الحدود في بلدات في جنوب إسرائيل قبل عدة أيام.

وقالت متحدثة باسم منظمة أطباء بلا حدود الطبية الدولية، التي كان فريقها يقدم الرعاية الطبية في المستشفى الأهلي العربي في مدينة غزة الذي تعرض للقصف: "ليس هناك ما يبرر هذا الهجوم المروع على المستشفى والكثير من مرضىاه والعاملين  في مجال الرعاية الصحية، فضلاً عن أولئك الذين احتموا هناك. لا ينبغي أبداً استهداف المستشفيات. يجب أن يتوقف سفك الدماء هذا".

أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فطالب بضرورة "الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء غزة" لتمكين المنظمات من توصيل الإمدادات الأساسية مثل الوقود والغذاء والمياه لجميع المحتاجين مضيفاً أن "النظام الصحي على وشك الانهيار".

وأفاد غوتيريش أن "المشارح مكتظة، وقد لقي العاملون في مجال الرعاية الصحية حتفهم أثناء قيامهم بواجباتهم، ووقعت هجمات على المنشآت الصحية" مؤكداً أن "قطاع غزة بأكمله يواجه أزمة مياه إذ لحقت الأضرار بالبنية الأساسية مع عدم توفر الكهرباء لمحطات الضخ وتحلية المياه".

"النظام الصحي على وشك الانهيار"

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش

image title
الهلال الأحمر الفلسطيني يقدم الإسعافات الأولية على الخطوط الأمامية للأشخاص المحاصرين بسبب الغارات الجوية على غزة. الصورة: الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

وترددت أصداء النزاع والحصيلة المروعة للضحايا في جميع أنحاء المنطقة، مما أثار موجة حزن واسعة النطاق وأدى إلى خروج المظاهرات في مدن مختلفة.

وفي الإمارات العربية المتحدة، أطلقت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي حملة "تراحم من أجل غزة" لجمع التبرعات عبر الإنترنت بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة وبالتنسيق مع وزارة الخارجية ووزارة تنمية المجتمع.

بالتوازي مع ذلك، أنشأت الهيئة مراكز لجمع التبرعات في جميع أنحاء الدولة جيث يقوم المتطوعون بتجهيز سلال الإغاثة التي تحتوي على المواد الغذائية الجافة والبطانيات ومستلزمات الأطفال والمستلزمات الطبية.

وانضمت العديد من الشركات المحلية إلى مبادرة "تراحم من أجل غزة" من بينها منصة التجارة الإلكترونية "نون" التي قامت بإضافة نافذة للتبرع على صفحة الدفع الخاصة بها وبدأت بتقديم خصم بنسبة 20 في المئة على المستلزمات الطارئة التي يتم توصيلها مباشرة إلى هيئة الهلال الأحمر الإماراتي.

كما تستخدم شركات أخرى في الإمارات العربية المتحدة منصاتها للتواصل الاجتماعي للتعبير عن التضامن مع القضية الفلسطينية وتشجيع العملاء على التبرع إما لنداء هيئة الهلال الأحمر الإماراتي أو مباشرة للمنظمات غير الحكومية مثل جمعية إغاثة أطفال فلسطين (PCRF) ومنظمة اليونيسيف ومنظمة أطباء بلا حدود، وغيرها من المنظمات العاملة على الأرض في غزة.

وقال ستيف سوسبي، مؤسس جمعية إغاثة أطفال فلسطين لـ ’زمن العطاء‘ أنه "من المستحيل أن نتمكن في الوقت الحاضر وصف النطاق الحقيقي لاحتياجات سكان غزة، والإحباط الذي تشعر به كل منظمة إغاثة بشأن عدم قدرتها على توفير المستلزمات الأساسية مثل الغذاء والماء والمأوى والأدوية. إن الكثيرين يفقدون أرواحهم بسبب نقص المساعدات الإنسانية".

وفي مصر، قام الهلال الأحمر المصري وبنك الطعام المصري ومبادرة حياة كريمة بجمع المساهمات من الأفراد ومؤسسات القطاع الخاص لتمويل الإمدادات الغذائية والطبية لسكان غزة. كما قدمت العديد من الشركات والمشاهير تبرعات كبيرة، بما في ذلك شركة ماجد الفطيم الإماراتية، التي تعهدت بالتبرع بأكثر من 900 ألف دولار للهلال الأحمر المصري، وكذلك لاعب كرة القدم محمد صلاح.

إلى جانب ذلك، تلعب الشبكات والتحالفات والصناديق الخيرية الإقليمية دوراً مهماً في حشد التبرعات من المحسنين الإقليميين والدوليين من أجل غزة. فقد أقام منتدى المؤسسات العربية الداعمة، وهو شبكة من المنظمات الخيرية وغير الربحية، شراكة مع مؤسسة الأصفري التي يقع مقرها في المملكة المتحدة وتركز على العمل الخيري في منطقة المشرق العربي، لجمع التبرعات لشعب غزة من خلال مؤسسة التعاون الفلسطينية غير الربحية.

في أثناء ذلك، تقوم مؤسسة الفنار، وهي أول منظمة متخصصة في العمل الخيري الاستثماري في المنطقة العربية وتعمل في كل من مصر والأردن ولبنان وبدأت مؤخراً العمل في فلسطين، بجمع الأموال في فرع المؤسسة في فلسطين. وقالت ميرنا عطا الله، المديرة التنفيذية للفنار: "بالنظر إلى أبعد من تلبية هذه الاحتياجات العاجلة، فإن المؤسسات الاجتماعية التي ندعمها ستلعب دوراً حاسماً في مساعدة الناس على إعادة بناء حياتهم واستعادة ما يشبه مظاهر الحياة الطبيعية وسط كل هذه الفوضى".-PA