حشد أهل العطاء في العالم العربي لمستقبل واعد

جهات بارزة في العمل الخيري العربي تجتمع في مصر لبحث سُبل تعزيز الجهود لمواجهة التحديات الراهنة.

كانت الشفافية والثقة والتعاون وتغير المناخ من بين المواضيع الرئيسية التي طُرحت للمناقشة خلال الاجتماع السنوي لملتقى المؤسسات العربية الداعمة الذي عقد مؤخراً في الجامعة الأمريكية بالقاهرة.

وعلى مدار الأيام الثلاثة التي انعقد خلالها الحدث، شارك قادة يمثلون مؤسسات خيرية ومنظمات غير ربحية من المنطقة، إلى جانب خبراء محليين وعالميين وأكاديميين وممثلين عن منظمات غير حكومية دولية، في حوار تناول التحديات والفرص المتاحة وتبادلوا أفضل الممارسات والحلول المبتكرة في هذا القطاع.

وكان الحدث أول اجتماع بالحضور الشخصي لملتقى المؤسسات العربية الداعمة منذ عام 2017، وشهد حضور ما يقرب من 130 مشاركاً من 12 دولة مختلفة.

وفي تصريح خصَّت به منصة زمن العطاء، قالت نائلة الفاروقي، الرئيسة التنفيذية لملتقى المؤسسات العربية الداعمة: "لكم يبعث على السرور اجتماعنا هنا، لنناقش التحديات الهامة التي تواجه قطاعنا على المستوى الإقليمي، ونبحث سُبل التعاون التي تمكننا من بناء مستقبل أفضل". وتابعت الفاروقي: "وما يبعث على الشعور بالرضا هو جودة هذا اللقاء الذي ناقش المواضيع بالتفصيل وكان هادفاً بالتركيز على القضايا والأهداف الرئيسية التي اجتمعنا من أجلها. وسعيدة أيضاً لأننا تمكنا من استضافة العديد من جلسات النقاش التي تقودها النساء".

وفي كلمة رئيسية ألقاها عبر رابط فيديو مسجل، أكد رائد العطاء الإماراتي بدر جعفر، على أهمية التعاون قائلاً أن "العديد من التحديات التي نواجهها مترابطة، لذلك لا بد أن تكون حلولنا مترابطة أيضاً من خلال القيام بتدخلات متعددة الخطوات تضم أصحاب مصلحة متعددين".

كما أكد جعفر، الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع ومؤسس مبادرة بيرل (الجهة الشريكة لـ’زمن العطاء‘ في إطلاق منصة سيركل) على أهمية تعزيز الشفافية داخل القطاع. وأوضح بالقول: "كلما كنا أكثر شفافية كروّاد عطاء، تمكنّا من مشاركة البيانات والأدلة المتعلقة بتأثير عملنا الخيري، وكلما زادت الثقة التي نبنيها، زاد الأثر الذي باستطاعتنا أن نحدثه". وأضاف أنه "من دون الحصول على بيانات عالية الجودة، فإن شبكاتنا ستفتقر إلى الرؤية. وفي غياب الأدلة الملموسة، سيجد روّاد العطاء أنفسهم غير قادرين على اتخاذ قرارات مستنيرة".

"العديد من التحديات التي نواجهها مترابطة، لذلك لا بد أن تكون حلولنا مترابطة أيضاً". 

بدر جعفر، رائد عطاء إماراتي ومؤسس مبادرة بيرل.

image title

وبينما تستعد دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP28 في وقت لاحق من هذا العام، ألقت قضية تغير المناخ بظلالها على هذا الحدث. فقد تناولت عدة جلسات هذا الموضوع واستكشفت ترابطه وآثاره على المجتمعات الأكثر ضعفاً في المنطقة. كما سلطت المناقشات الضوء على المبادرات التي اتخذتها المنظمات الإقليمية للتصدي لتغير المناخ.

وأكد جعفر، الذي يشغل منصب الممثل الخاص للأعمال والعمل الخيري في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP28، وسيترأس أيضاً منتدى الأعمال والعمل الخيري من أجل المناخ خلال القمة التي ستنعقد في ديسمبر، على الدور المحوري الذي يلعبه العمل الخيري في "حشد التمويل العام والخاص" من أجل "الاستفادة من الاستثمارات التجارية والحكومية في إحداث تأثير مضاعف وإطلاق العنان لتريليونات الدولارات اللازمة لتحقيق نتائج على صعيد التكيف والتخفيف من أثار تغير المناخ".

كما تعمقت المناقشات في العلاقة التفاعلية بين تغير المناخ والتعليم والصحة العامة، وقدم المشاركون رؤى حول كيف يمكن لتغير المناخ أن يعطّل تعليم الأطفال ويتسبب بظهور تحديات في مجال الصحة العامة.

وتحدثت بان المفلح، مسؤولة البرامج في دبي العطاء، وهي مؤسسة إماراتية مهتمة بالتعليم وجزء من مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، عن جهود المؤسسة الخيرية لجعل أنظمة التعليم أكثر قدرة على الصمود أمام آثار تغير المناخ.

ومن الأمثلة على ذلك، كما أوضحت المفلح، الاستثمار في السبل التي تجعل التعلم عبر الإنترنت إيسر وصولاً للمجتمعات المتضررة من إغلاق المدارس بسبب الأحداث المتعلقة بالطقس مثل الفيضانات.

وفي إشارة إلى قمة ’ريوايرد‘ ReWired المقبلة التي ستعقد خلال مؤتمر COP28، أكدت المفلح أنها "ستكون واحدة من أولى المناسبات التي يحتل فيها التعليم مكانة بارزة في المناقشات المتعلقة بالمناخ". وأضافت قائلة: "نحن نسعى إلى جمع مختلف أصحاب المصلحة معاً لمواءمة التزاماتهم، أملاً في تمويل الاستثمارات الرامية إلى النهوض بالأجندة المشتركة للمناخ والتعليم".

"نحن بحاجة إلى أن نتعلم كيف نتحدى الوضع الراهن ونتبنى مفهوم المخاطرة المحسوبة".

هالة الهوشان، المستشارة لدى مؤسسة صالح عبد الله كامل الإنسانية.

كما تناول الاجتماع موضوع العمل الخيري القائم على الثقة، وأشار العديد من المتحدثين عن المزايا والتحديات المرتبطة بهذا النهج في تقديم المنح، فضلاً عن دور المخاطرة في العمل الخيري بشكل عام.

بدورها، أكدت ريم عبد الحميد، المدير الإقليمي للعمل الخيري والشراكات في مؤسسة منظمة الصحة العالمية، وهي منظمة معنية بتقديم المنح أطلقتها منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة عام 2020، أن "الثقة لا تأتي بدون نزاهة ومساءلة". وأوضحت أن "العمل الخيري القائم على الثقة يتطلب تحولاً في ديناميات القوة داخل الشراكات المحلية نحو الاستثمار في قدرات المنظمات غير الحكومية المحلية والشركاء وتسهيل التخطيط والتصميم المشترك [للمبادرات والمشاريع الخيرية]".

من جهتها، شددت ميرنا عطاالله، المديرة التنفيذية لمؤسسة الفنار، أول مؤسسة ناشطة في مجال العمل الخيري الاستثماري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على أهمية أن "تشعر المنظمات بالارتياح حيال تقاسم المخاطر والمكافآت". أما هالة الهوشان، المستشارة لدى مؤسسة صالح عبد الله كامل الإنسانية، التي يقع مقرها في المملكة العربية السعودية فأوضحت أننا "بحاجة إلى أن نتعلم كيف نتحدى الوضع الراهن ونتبنى مفهوم المخاطرة المحسوبة".

ومن بين المتحدثين في الاجتماع: الأميرة نوف بنت محمد بن عبد الله، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الملك خالد بالمملكة العربية السعودية، ونورا سليم، المديرة التنفيذية لمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية في مصر؛ ومنى عباس، المديرة التنفيذية لمؤسسة الأصفري، وهي مؤسسة خيرية مانحة تركز على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ وصبا المبسلط، المديرة الإقليمية لمؤسسة فورد؛ وهنا شاهين، المديرة التنفيذية لمؤسسة الملك الحسين في الأردن.

وقد تأسس ملتقى المؤسسات العربية الداعمة عام 2006، وهو عبارة عن شبكة غير ربحية قائمة على العضوية تضم منظمات خيرية وجهات مانحة وممولين وغيرهم من أصحاب المصلحة العاملين في القطاع الخيري في المنطقة العربية أو المهتمين به.

ودعمت عدَّة مؤسسات الاجتماع لهذا العام من بينها مؤسسة صالح عبدالله كامل الإنسانية ومؤسسة ساويرس ومؤسسة فورد والهلال للمشاريع، وأتى انعقاده بالشراكة مع مفوضية الاتحاد الأفريقي ومركز جون د. جيرهارت.-PA