مدرس علوم كيني يفوز بجائزة المعلم العالمية

الأخ الفرنسيسكاني الذي يتبرع بـ 80 بالمئة من راتبه يحصل على جائزة بقيمة مليون دولار لقاء جهوده في مجال التدريس.

يبدو أن تحسين الحياة في مدرسة تحتوي على جهاز كمبيوتر واحد فقط وشبكة إنترنت رديئة ونسبة طالب إلى معلم تبلغ 58 إلى 1 تعتبر مهمة مستحيلة. لكن هذا بالضبط ما حققه المعلم الكيني بيتر تابيتشي، الذي فاز يوم الأحد بجائزة المعلم العالمية التي تقدمها مؤسسة فاركي وتبلغ قيمتها مليون دولار.

وكان تابيتشي، البالغ من العمر 36 عاماً، برفقة والده، عندما تسلّم الجائزة أمام حفل كبير في دبي، وقدمها له الممثل هيو جاكمان.

وقال تابيتشي، وهو عضو في الرهبنة الفرنسيسكانية، للجمهور: "أنا هنا فقط بسبب ما حققه طلابي ... إن هذه الجائزة تمنحهم فرصة. فهي تخبر العالم بأنه يمكنهم تحقيق أي هدف يريدونه".

وتحتفي الجائزة بالتزام تابيتشي تجاه تلاميذه الذين يقطنون منطقة ريفية في الوادي المتصدع في كينيا. وكان تابيتشي قد ترك وظيفته في مدرسة خاصة من أجل تدريس الرياضيات والفيزياء في مدرسة كيريكو الثانوية في قرية بواني في ناكورو، التي ينحدر 95 في المئة من طلابها من أسر فقيرة. ويضطر الكثير من هؤلاء الطلاب إلى السير لمسافة 7 كيلومترات للوصول إلى المدرسة على طرق يصعب عبورها خلال موسم الأمطار. كما يعتبر تعاطي المخدرات وحمل المراهقات والزواج المبكر والانتحار من المشاكل الشائعة في المنطقة.

ويعطي تابيتشي 80 في المئة من دخله الشهري لأفقر الطلاب، الذين لا يستطيعون من دون ذلك تحمل تكاليف الزي المدرسي والكتب.

وعلى الرغم من هذه التحديات، ساهم تابيتشي في زيادة عدد الطلاب الذين يذهبون إلى الكليات أو الجامعات من 16 طالباً من أصل 59 في عام 2017، إلى 26 في عام 2018. كما ساعد تأسيسه "نادياً لرعاية المواهب" وتوسيعيه لنادي العلوم في فوز طلابه عن فئة المدارس الحكومية في معرض كينيا للعلوم والهندسة لعام 2018، وهي جائزة مقدمة من الجمعية الملكية للكيمياء، وتأهلهم للمشاركة في معرض إنتل الدولي للعلوم والهندسة 2019 في ولاية أريزونا.

image title
يقدم تابيتشي للتلاميذ ذوي الأداء الضعيف دروساً في الرياضيات والعلوم في فترات المساء وعطلات نهاية الأسبوع لمساعدتهم على تحسين درجاتهم. الصورة: غيتي إميجيز.

لدى استلامه الجائزة، أثنى تابيتشي على إمكانيات الشباب الأفريق، حيث قال: "باعتباري معلماً يعمل على الخطوط الأمامية، لمست في الشباب الأفريقي روح البحث والمهارة والذكاء والعزيمة".

وأضاف قائلاً: "لن تعرقل التطلعات الصغيرة الشباب الأفريقي بعد الآن. فسوف تخرّج أفريقيا علماء ومهندسين ومنتجين سيذيع صيتهم في جميع أنحاء العالم. وسوف يكون للفتيات دور كبير في هذه الحكاية".

من جهته، قال الرئيس الكيني، أوهورو كينياتا، في رسالة فيديو هنأ بها تابيتشي: "لقد أعطيتني الثقة بأن أفضل أيام أفريقيا موجودة أمامنا وسوف تضيء قصتك الطريق للأجيال القادمة".

ويتضمن التزام تابيتشي بالتدريس تقديم دروس فردية في الرياضيات والعلوم في فترات المساء وفي عطلات نهاية الأسبوع للتلاميذ ذوي الأداء المنخفض بمساعدة أربعة من زملائه. كما تمكّن تابيتشي من دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في 80 في المئة من دروسه، على الرغم من عدم انتظام الوصول إلى الإنترنت. وقد تم تعزيز التحصيل العلمي للفتيات على وجه الخصوص.

وتعد جائزة المعلم العالمية التي دخلت عامها الخامس الأكبر من نوعها، وتحصل على الدعم من مؤسسة فاركي، التي تهدف إلى تحسين الوصول إلى التعليم الجيد في جميع أنحاء العالم. ويتم منح الجائزة للمعلمين الذين يبدون التزاماً استثنائياً بالتدريس، وقد حصل عليها في السابق معلمون من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفلسطين وكندا. وقد تم منح جائزة العام الماضي لأندريا زافيراكو، معلمة الفنون والمنسوجات في مدرسة ألبرتون كوميونيتي في المملكة المتحدة.

بدوره، قال صني فاركي، مؤسس مؤسسة فاركي: "يشعل المعلمون كل يوم شرارة الفضول داخل الفصول الدراسية في جميع أنحاء العالم". وأضاف أنه يأمل أن تشجع الجائزة الآخرين على الدخول في مجال التدريس "وتسليط الضوء على العمل المُلهم حقاً الذي يقوم به المعلمون كي يكون الغد أكثر إشراقاً من اليوم".

ويتم دفع هذه الجائزة التي تبلغ قيمتها مليون دولار على شكل أقساط على مدى 10 سنوات، وهي مشروطة بالالتزام بالتدريس لمدة خمس سنوات. كما يتم تشجيع الفائزين على نقل طرق التدريس المبتكرة التي يتبنونها وتوسيع نطاقها من أجل زيادة الأثر.

وجاء توزيع الجوائز اختتاماً للمنتدى العالمي للتعليم والمهارات الذي عقد في دبي واستمر لثلاثة أيام. وتضمن الحدث اجتماعات لوزراء بارزين وخبراء تعليم عالميين لمناقشة مستقبل التعليم في المنطقة والعالم. وقد شهدت الجلسة الختامية مناقشات شاركت فيها اللاجئة السورية بانا العابد البالغة من العمر 9 سنوات والمدون البريطاني برايدون بنت البالغ من العمر 10 سنوات حول قدرة التعليم على منح الأطفال مستقبلاً أكثر إشراقاً. - PA

 "يشعل المعلمون كل يوم شرارة الفضول داخل الفصول الدراسية في جميع أنحاء العالم".

صني فاركي، مؤسس مؤسسة فاركي.