مربو النحل في اليمن على حافة الهاوية بسبب النزاع وتغير المناخ

الألغام الأرضية والجفاف يهددان ممارسة إنتاج العسل الضاربة في القِدم في اليمن.

تشير السجلات التاريخية إلى أن تربية النحل في اليمن تعود إلى بداية الألفية الأولى قبل الميلاد، وقد كانت هذه الممارسة لقرون عدة جزءاً لا غنى عنه من الحياة الاقتصادية في البلاد التي تعتمد نحو 100,000 أسرة فيها اليوم على إنتاج العسل كمصدر وحيد للدخل.

ويشتهر العسل اليمني على مستوى العالم بنكهته المميزة. فالنحل يجمع الرحيق حصرياً من أزهار شجرة السدر، التي ذكرت في القرآن كشجرة من أشجار الجنة.

غير أن هذه الممارسة القديمة باتت مهددة اليوم بسبب النزاع المستمر في ظل خطوط المواجهة النشطة والانتشار الواسع للألغام الأرضية وغيرها من الذخائر غير المنفجرة، الأمر الذي يشكّل خطراً كبيراً على مربي النحل لا سيما أثناء تنقلهم في جميع أنحاء البلاد لرعي النحل أو نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

وبالنسبة لأولئك الذين يستطيعون إنتاج ما يكفي من العسل لبيعه، فإن العملاء قليلون ولا يقبلون على الشراء سوى حيناً بعد حين لأن العسل يعتبر الآن سلعة فاخرة بالنسبة للملايين من الفقراء في اليمن الذين أصبحوا بعد ثماني سنوات من الصراع يكافحون لشراء حتى السلع الغذائية الأساسية.

وتعز، المحافظة الجبلية التي تقع على الساحل الغربي لليمن ولها تاريخ طويل في إنتاج العسل، تأثرت بشدة جراء الحرب.

وعن ذلك، قال أمين الذي دُمرت مستعمرة النحل الخاصة به مؤخراً بعد أن أصابها صاروخ: "هذه المنطقة كانت ساحة للمعارك لمدة ثماني سنوات... لقد كان ذلك اليوم أسوأ يوم في حياتي" وأضاف أن "النحل أصبح يعاني من الاضطراب ولم يعد العمل مربحاً وأصبحت الحياة تسير من سيء إلى أسوأ".

أما يوسف، وهو مربي نحل آخر من محافظة حجة الواقعة شمال العاصمة صنعاء، فأفاد أن استمرار العنف وانتشار الذخائر غير المنفجرة يعني أنه لم يعد التنقل في جميع أنحاء البلاد آمناً كما كان عليه الحال في الماضي. وأوضح يوسف بالقول: "أصبحت مجبراً على البقاء في منطقتي وهو ما يجبرني على الاعتماد على موسم واحد فقط من الإنتاج ولا يكفي ذلك لإعالة أطفالي".

ويتسبب تغير المناخ أيضاً في إحداث الخسائر، إذ يقلل من هطول الأمطار ويرفع درجات الحرارة. ومع انخفاض منسوب المياه الجوفية، فإن المناطق التي كانت يوماً خصبة باتت تتحول إلى أراض مقفرة ويخفض تأثير ذلك على التلقيح من إنتاجية العسل، ما يصعب على المزارعين كسب رزقهم من تربية النحل.

وأوضح أمين قائلاً: "لا ألقي باللوم في ما يحدث لنا على النزاع فقط، فالأمطار لم تهطل منذ شهور، كما أن هناك عدداً أقل من الزهور". وأضاف قائلاً: "اضطر أبنائي إلى ترك المدرسة للعمل في قطاعات أخرى لأن عملي لم يعد كافياً لتلبية احتياجات أسرتي".

وفي محاولة لدعم مربي النحل اليمنيين الذين تدهورت أحوالهم وحماية سبل عيشهم، تقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتوفير المعدات والتبرع بالنحل وتقديم التدريب على تدجين النحل وإنتاج العسل. 

وفي هذا السياق، قال متحدث باسم المنظمة التي تعتبر مقدماً رئيسياً لخدمات الرعاية الصحية والدعم الغذائي ومشاريع المياه والصرف الصحي في البلاد: "تدعم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأنشطة المستدامة المدرة للدخل كتربية النحل من أجل تمكين اليمنيين ومساعدتهم كي يصبحوا أكثر استقلالية على المدى الطويل".

يذكر أنه بعد ثماني سنوات من الصراع المرير بين الحوثيين، المتمردين المدعومين من إيران، من جهة والحكومة المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية من جهة أخرى، لا يزال أكثر من 20 مليون يمني يعتمدون على المعونة الطارئة.

وتشهد البلاد، التي لطالما حملت اللقب المؤسف وهو أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مستوىً ينذر بالخطر من انعدام الأمن الغذائي في ظل تصنيف أكثر من 16 مليون يمني على أنهم "يعانون من انعدام الأمن الغذائي". كما يعيش نحو 50,000 شخص في محافظات حجة وعمران والجوف في ظروف شبيهة بالمجاعة، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي.

فضلاً عن ذلك، يفتقر ما يقدر بنحو 17.8 مليون شخص في اليمن إلى المياه المأمونة وخدمات الصرف الصحي الكافية، بينما تصل شبكة المياه الحالية إلى أقل من 30 في المئة من سكان البلاد، مما يضطر الملايين إلى المشي لأميال لجلب المياه.

وقد أدى الافتقار في الوصول إلى المياه النظيفة إلى تفشٍ خطير للأمراض، لا سيما تفشي الكوليرا في عام 2016 الذي يعد الأسوأ في التاريخ المعاصر حيث تم الإبلاغ عن 2.5 مليون إصابة وأكثر من 4,000 حالة وفاة. -PA