تزايد الضغوط للحصول على التمويل وسط تفاقم الأزمة في أفغانستان

منظمات الإغاثة تحذر من أن عاصفة من الأزمات قد تركت 18 مليون أفغاني في أمس الحاجة إلى المساعدة.

تناشد منظمات الإغاثة تقديم تمويل عاجل لأفغانستان وسط الجهود التي تبذلها لتوفير الدعم للأفغان الذين يعانون جراء انهيار حكومة بلادهم وبسبب الكارثة الإنسانية التي تتكشف بسرعة فيها.

فبعد أسبوع من استيلاء طالبان على السلطة في البلاد في أعقاب غزوها الخاطف لكابول، حذرت المنظمات الإنسانية، ومن بينها الأمم المتحدة، من أن حالة الفوضى الأخيرة تجتمع الآن مع الجفاف والنزوح والكارثة الاقتصادية لتتسبب في أزمة تستدعي اتخاذ إجراءات فورية.

وفي هذا الإطار، قال أحمد المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، وجورج لاريا-أدجي، المدير الإقليمي لليونيسف في جنوب آسيا في بيان مسترك للمنظمتين: "بينما كان التركيز الرئيسي خلال الأيام الماضية على العمليات الجوية الكبرى لإجلاء الأجانب والأفغان المعرضين للخطر، لا ينبغي – ولا يمكن – إهمال الاحتياجات الإنسانية الهائلة التي تواجه غالبية السكان".

وأضاف البيان أن "الصراع والنزوح والجفاف وجائحة كـوفيد-19 تساهم جميعها في خلق وضع معقد ويائس في أفغانستان. ولذلك فإن الوكالات الإنسانية بحاجة إلى الدعم ... لتلبية الاحتياجات الهائلة والمتنامية في أفغانستان، والتأكد من عدم وفاة أي شخص دون داعٍ بسبب عدم القدرة على الوصول إلى المساعدات".

وكانت المنظمات الإنسانية العالمية قد تعهدت بمواصلة عملياتها في أفغانستان على الرغم من التحديات التي تحيط بالعمل في ظل حكم حركة طالبان، التي رفضت في الماضي السماح للموظفات بدخول البلاد، وتحكمت في كيفية تخصيص المساعدات، وحاولت فرض ضرائب على المنظمات مقابل السماح لها بالوصول.

وعلى الرغم من أنه لم يتكشف حتى الآن التأثير الكامل لاستيلاء حركة طالبان على السلطة، إلا أنه من المؤكد أن هذا التغيير في النظام - والقيود المتوقع فرضها على حرية النساء - لن يؤدي سوى إلى تفاقم أوجه الضعف القائمة ويجعل توصيل المساعدات والتمويل أكثر صعوبة.

وتقدر الأمم المتحدة أن ما يقرب من 18.5 مليون شخص في أفغانستان – أي ما يعادل نصف سكان البلاد - يعتمدون على المساعدات، في ظل توقعات بتزايد الاحتياجات الإنسانية على مدار العام.

وفي يوليو/تموز، أطلقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نداءً للحصول على مبلغ إضافي قدره 62.8 مليون دولار من أجل الاستجابة لاحتياجات أكثر من 400,000 نازح جراء القتال الدائر منذ بداية العام، فضلاً عن تقديم الدعم لأولئك الذين يلتمسون اللجوء في الدول المجاورة.

كما حصل النداء الحالي الذي أطلقته المفوضية لمساعدة أفغانستان، والذي يسعى للحصول على 351 مليون دولار، على تمويل يقل عن نصف المبلغ المطلوب.

وقالت الوكالة في تقرير لها أن "الزيادة الهائلة في عدد النازحين جراء النزاع في أفغانستان والاستجابة العاجلة قد فاقمتا الضغوطات على القدرة الحالية للنظام الإنساني".

كما وصفت المفوضية أفغانستان بأنها "واحدة من أصعب بيئات العمل في العالم" بسبب مساحتها الكبيرة وارتفاع مستويات انعدام الأمن والظروف المناخية الصعبة واستمرار انتشار فيروس كورونا، ودعت الجهات المانحة إلى توفير تمويل يتسم بالمرونة لمساعدتها على الاستجابة "بفعالية".

"ما يفطر القلب رؤية أجنحتنا الطبية تعجّ بأطفال ورجال ونساء في ريعان الشباب بعد أن فقدوا أطرافهم".

روبير مارديني، المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر.

من جهته، قال روبير مارديني، المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر أن "أفغانستان تمر حالياً بمرحلة انتقالية هي بلا شك صعبة على الشعب الأفغاني، ويصعب علينا نحن أيضاً التنبؤ بما ستتمخض عنه. ولكننا نعلم أن الاحتياجات الإنسانية ستظل كثيرة".

ومنذ الأول من أغسطس/آب الجاري، تلقى أكثر من 7,600 جريح جرّاء الأسلحة العلاج في مرافق تدعمها اللجنة الدولية في كافة أنحاء البلاد. وحذر مارديني من أنه من المتوقع أن تستمر الفرق الطبية "لأشهر وسنوات قادمة" في استقبال المرضى الذين أصيبوا جراء العبوات المتفجرة التي تلوّث أراضي أفغانستان، والتي زُرع الكثير منها مؤخراً.

وأضاف مارديني أن "ما يفطر القلب رؤية أجنحتنا الطبية تعجّ بأطفال ورجال ونساء في ريعان الشباب بعد أن فقدوا أطرافهم،" وناشد الحصول على تمويل إضافي لدعم الجهود الطبية وإعادة التأهيل التي تقوم بها اللجنة الدولية في أفغانستان والتي تعاني حالياً من عجز في الميزانية يقدر بـ33 مليون دولار.

في أثناء ذلك، دعا ديفيد ميليباند الرئيس والمدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة غير حكومية مقرها الولايات المتحدة تقوم بتنفيذ برامج إنسانية وتنموية في أفغانستان، الحكومات والجهات المانحة إلى مواصلة تمويل أفغانستان وحث على توجيه الأموال إلى الجهات الفاعلة التي تعمل على الخطوط الأمامية.

وأوضح ميليباند قائلاً: "لا بد أن تذهب كميات أكبر من التمويل مباشرة إلى المنظمات غير الحكومية المتواجدة على الأرض، إذ أنها تعمل في هذه المجتمعات منذ عقود وتدرك احتياجاتها وتتمتع بثقة الناس ويمكنها توسيع نطاق عملها بسرعة".-PA