الأطفال يتحملون وطأة الفيضانات في باكستان

حتى بعد بدء انحسار المياه، لا تزال الأمراض منتشرة ومعدلات سوء التغذية مرتفعة وملايين الأطفال خارج مقاعد الدراسة.

بعد مرور ستة أشهر على هطول الأمطار الموسمية الشديدة التي أغرقت ثلث باكستان وأودت بحياة أكثر من 1,500 شخص، لا يزال نحو تسعة ملايين طفل بحاجة إلى المساعدات الإنسانية الطارئة.

وفي إقليم بلوشستان، الذي كان الأكثر تضرراً من هذه الكارثة، لا تزال العديد من الطرقات مغمورة بالمياه، ما يعيق عمل وكالات الإغاثة في إيصال الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها هناك. كما أن الوصول إلى إمدادات المياه النظيفة ما يزال محدوداً للغاية في الوقت الذي تتسبب فيه البرك الكبيرة من المياه الراكدة في تفاقم مخاطر الإصابة بالأمراض.

ومع نزوح ملايين الأشخاص وتعرض الحقول للتدمير وانهيار سلاسل التوريد، لا يزال الحصول على الغذاء أمراً صعباً ومكلفاً للغاية، ما يتسبب في تفاقم معدلات سوء التغذية المرتفعة أصلاً في البلاد.

في الوقت نفسه، تسببت الأضرار التي لحقت بالمدارس، فضلاً عن إغلاق الطرقات وتراجع الدخل إلى إجبار مليوني طفل على الانقطاع عن التعليم منذ هطول الأمطار في يونيو.

وفي هذا السياق، أفاد جورج لارييا أدجي، المدير الإقليمي لليونيسف في جنوب آسيا: "لقد فقد الأطفال الذين قابلتهم هنا كل شيء: لقد فقدوا أحباءهم وكتبهم المدرسية والمنازل الوحيدة التي عرفوها في حياتهم ومدارسهم وشعورهم بالأمان".

وأضاف لارييا أدجي قائلاً: "مع انحسار مياه الفيضانات واهتمام وسائل الإعلام، أصبحت الأزمة في باكستان أزمة بقاء حادة بالنسبة للأطفال. يخوض الأطفال الجياع والضعفاء معركة خاسرة ضد سوء التغذية الحاد والإسهال والملاريا وحمى الضنك والتيفوئيد والتهابات الجهاز التنفسي الحادة والأمراض الجلدية المؤلمة. وبالإضافة إلى الأمراض الجسدية، كلما طالت الأزمة، زاد الخطر على صحة الأطفال العقلية".

image title
نساء يجمعن المياه من خزان متنقل نصبته اليونيسيف في مقاطعة السند. الصورة: أسد زيدي.

وقد أطلقت منظمة اليونيسيف نداءً بقيمة 173 مليون دولار لجمع الأموال للأسر الباكستانية الأكثر تضرراً من الفيضانات، التي ألقي باللوم فيها على ارتفاع درجة الحرارة في العالم بسبب تغير المناخ.

لكن حتى نهاية نوفمبر، بالكاد تم جمع خُمس هذا المبلغ في حين ناشد المسؤولون المانحين الخليجيين لدعم حملتهم.

وقال جورج لارييا أدجي: "مع اقتراب فصل الشتاء ... يحتاج الفتيان والفتيات في باكستان بشدة إلى الدعم الذي نقدمه للبقاء على قيد الحياة. وعلى الرغم من هذا الوضع الكارثي، لا يزال النداء الدولي لباكستان يعاني من نقص حاد في التمويل. فمئات الأطفال سيفقدون حياتهم في الأسابيع المقبلة من دون المزيد من الدعم الدولي لتوسيع نطاق التدخلات".

"سيفقد مئات الأطفال حياتهم في الأسابيع المقبلة من دون المزيد من الدعم الدولي لتوسيع نطاق التدخلات".

جورج لارييا أدجي، المدير الإقليمي لليونيسف في جنوب آسيا.

في الإمارات العربية المتحدة، التي يسكنها أكثر من 1.2 مليون باكستاني، حشدت العديد من الشركات الخاصة، لا سيما مجموعة ماجد الفطيم والأنصاري للصرافة، الدعم لجهود الإغاثة.

في هذا الإطار، قدمت طيران الإمارات، شركة الطيران الرئيسية في دبي، سعة شحن مجانية لنقل الإمدادات الإغاثية إلى باكستان، في حين تقوم العديد من تطبيقات التوصيل بجمع التبرعات عبر الإنترنت للمنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية، حيث يجمع تطبيق كريم الأموال لصالح اليونيسيف بالتعاون الشركة المتخصصة في مجال التقنيات الغذائية ’كايرو‘ Kayroo وتطبيق ’ديليفرو‘ Deliveroo لصالح هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وتطبيق طلبات لصالح برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.

في الوقت نفسه، أطلقت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي ودبي العطاء وجمعية الشارقة الخيرية مبادرة بعنوان "نحن معكم" التي شهدت تجمع مئات المتطوعين من جميع أنحاء الإمارات في مركز دبي للمعارض بمدينة إكسبو دبي لتجهيز 1,200 طن من الأغذية ومستلزمات النظافة. في أثناء ذلك، وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بتقديم مساعدات غذائية بقيمة 50 مليون درهم (13.6 مليون دولار) إلى باكستان من خلال مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية وبرنامج الأغذية العالمي.

وفي أماكن أخرى من المنطقة، شاركت جمعيات الهلال الأحمر القطري والكويتي ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في المملكة العربية السعودية والهيئة العمانية للأعمال الخيرية أيضاً بجمع التبرعات والمواد الإغاثية.

وأفاد مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أنه جمع أكثر من 8 ملايين دولار في الأسبوع الأول من حملته التي أطلقها في سبتمبر، بينما جمعت جمعية الهلال الأحمر الكويتي أكثر من مليوني دولار في ثلاثة أيام. كما تعاونت المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية في البحرين مع ناقلتها الوطنية، طيران الخليج، لنقل المساعدات الإنسانية جواً إلى باكستان.

ونوه مكتب اليونيسيف في الخليج "بالدعم الكبير" الذي يؤكد العلاقات الاجتماعية والثقافية والدينية العميقة التي تربط المنطقة بباكستان. وقال بيتر توبمان، مسؤول التقارير، أن أكثر من مليون شخص تفاعلوا أو شاركوا في حملة المنظمة التي جمعت 175,000 دولار من المنطقة.

وأضاف توبمان أن المناقشات مع الشركاء من الحكومة والقطاع الخاص في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية مستمرة لإيجاد طرق لدعم الاستجابة الفورية فضلاً عن مبادرات بناء القدرة على الصمود على المدى الطويل التي من شأنها مساعدة المجتمعات المتضررة على التخفيف من الآثار المستقبلية لتغير المناخ.-PA