التعهدات الخضراء: قطاع العمل الخيري يقدم التزامات جديدة وجريئة لمكافحة تغير المناخ

مؤسسات خيرية في الشرق الأوسط تتجه نحو تقديم برامج أكثر اهتماماً بالمناخ.

قدمت المؤسسات الخيرية تعهدات تزيد قيمتها عن 3 مليارات دولار خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (مؤتمر الأطراف COP27) الذي عقد في مصر وجمع صانعي السياسات العالميين لمناقشة أهداف التصدي لظاهرة الاحتباس الحراري والتعامل مع آثار تغير المناخ.

وكان صندوق بيزوس للأرض ومؤسسة بيل وميليندا غيتس ومؤسسة روكفلر الخيرية ومؤسسة أيكيا الخيرية من بين المنظمات التي أعلنت عن مبادرات جديدة ذات صلة بمكافحة تغير المناخ. وقد تنوعت البرامج بين تحسين التقنيات الزراعية وتعزيز الأمن الغذائي، وحماية الغابات، وجعل النقل أكثر استدامة، وتقليل الاعتماد على المولدات التي تعمل بالوقود الأحفوري.

وهذا المؤتمر هو مؤتمر الأطراف الأبرز بالنسبة لقطاع العمل الخيري حتى الآن، ويأتي وسط الانتقادات الموجهة للمانحين من القطاع الخاص لتخصيصهم 2 في المئة فقط من تبرعاتهم السنوية لأزمة المناخ، على الرغم من ضخامة الاحتياجات والتأثيرات الضارة لتغير المناخ على المجالات الأخرى التي يمولونها.

وعلى الرغم من عدم الإعلان عن تعهدات تمويلية جديدة من قبل المؤسسات الخيرية من المنطقة العربية في مؤتمر الأطراف COP27، غير أن عدداً منها كان حاضراً في الفعالية التي استمرت على مدى أسبوعين في مدينة شرم الشيخ وقامت منظمات مثل مجتمع جميل ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية بالمشاركة في الجلسات والفعاليات الجانبية.

وفي هذا الإطار، قال عبد الرحمن ناجي، مدير التعلم والاستراتيجية بمؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية: "يعد انعقاد مؤتمر الأطراف هذا في أفريقيا، لا سيما في مصر، فرصة رائعة للمجتمع المدني للمشاركة وتبادل الآراء والخبرات والتوصيات".

وأعرب ناجي عن اعتقاده بأن قطاع العمل الخيري "يتمتع بخبرة واسعة ومعرفة مكثفة من شأنهما الاسهام بشكل إيجابي في التغلب على التحديات البيئية"، مضيفاً أن مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية تطبق الآن "منظوراً مناخياً" في جميع المشاريع التي تمولها "لضمان التصدي لتداعيات [تغير المناخ] من جوانب متعددة"، فضلاً عن دعمها للمشاريع الزراعية والبرامج البيئية الأخرى.

الالتزامات الخيرية الرئيسية التي تم التعهد بها في مؤتمر الأطراف COP27

• تعهدت مؤسسة بيل وميليندا غيتس بتقديم 1.4 مليار دولار لدعم المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا في التكيف مع التأثيرات القائمة والمستقبلية لتغير المناخ.

• خصصت مؤسسة بيزوس للأرض مبلغ 50 مليون دولار لدعم المبادرة الأفريقية لاستعادة المناظر الطبيعية للغابات من أجل تطوير المشاريع التي تقودها المجتمعات المحلية وتوسيع نطاقها.

• تعهدت مؤسسة روكفلر الخيرية بتقديم أكثر من 11 مليون دولار على شكل منح لعشر منظمات تعمل على توسيع نطاق ممارسات الزراعة للشعوب الأصلية والزراعة المتجددة في جميع أنحاء العالم.

• أعلنت مؤسسة روكفلر الخيرية، جنباً إلى جنب مع صندوق بيزوس للأرض ووزارة الخارجية الأمريكية، عن معجل لانتقال الطاقة من أجل تحفيز رأس المال الخاص للتحول إلى الطاقة النظيفة في الاقتصادات الناشئة والنامية.

• ستقدم مؤسسة أيكيا الخيرية 1.2 مليون دولار للصندوق العالمي لتنمية المدن من أجل حماية المهاجرين واللاجئين من الآثار السلبية لتغير المناخ. كما ستمول المؤسسة مبادرة ’مولدات الانبعاثات الصفرية‘ Zero Emission Generators (ZE-Gen) التابعة لصندوق الكربون Carbon Trust ووكالة الابتكار في المملكة المتحدة Innovate UK بالشراكة مع وزارة الخارجية البريطانية وشؤون الكومنولث والتنمية، والمركز العالمي للحد من انبعاثات الميثان Global Methane Hub، الذي يقدم المنح والدعم التقني للدول التي التزمت بخفض انبعاثات الميثان بنسبة 30 في المئة على الأقل بحلول عام 2030 من خلال التعهد العالمي لخفض انبعاثات الميثان.

• تم تأسيس والإعلان عن تحالف تعاوني جديد باسم ’الغابات والناس والمناخ‘ قامت خلاله 13 مؤسسة خيرية بالتبرع بمبلغ 400 مليون دولار لحماية الغابات ودعم مجتمعات الشعوب الأصلية والمحلية المشرفة عليها.

• تعهدت مجموعة من تسعة مؤسسات خيرية - من بينها مؤسسة ’بلومبيرغ فيلانثروبيز‘ Bloomberg Philanthropies وصندوق ’غروالد‘ للمناخ Growald Climate Fund ومؤسسة ’سيكويا‘ للمناخ Sequoia Climate Foundation - بتقديم تمويل بقيمة 500 مليون دولار لتشجيع "التحول المنصف في مجال للطاقة" في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل.

"يتمتع العمل الخيري بقدرة فريدة على جلب صانعي القرار ومجتمعات الشعوب الأصلية وكبار العلماء ورجال الأعمال إلى ذات الطاولة وفتح باب الحوار".

أليس دي مورايس أموريم فوجاس، منسقة مشروع ’العمل الخيري من أجل المناخ‘ WINGS.

image title
تعتبر منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر المناطق التي تعاني من نقص المياه في العالم. الصورة: غيتي إميجيز.

من جهتها، أفادت أليس دي مورايس أموريم فوجاس، منسقة مشروع ’العمل الخيري من أجل المناخ‘ Philanthropy for Climate، وهي مبادرة لشبكة الأعمال الخيرية العالميةWINGS ، أنها شعرت بالتفاؤل حيال مقدار الاهتمام الذي أولته الأعمال الخيرية لقطاع الأغذية والزراعة - لا سيما التعهد الذي أعلنت عنه مؤسسة بيل وميليندا غيتس والبالغ 1.4 مليار دولار – ولبدء الحوار حول كيف يمكن للأعمال الخيرية أن تسهم في إصلاح القطاع المالي الذي يركز على المناخ.

وأعربت فوجاس عن خيبة أملها لأن تعهد ’العمل الخيري من أجل المناخ‘ لم يحصل حتى الآن على أي موقعين من منطقة الشرق الأوسط، لكنها أفادت أنها تأمل أن ينضم بعضهم إلى التعهد قريباً.

وأوضحت فوجاس أن "العمل الخيري يمكن أن يكون محفزاً قوياً للعمل المناخي الشامل الذي يتحلى بقدر أكبر من الديمقراطية، لأنه ينطوي على جميع الخصائص التي تسمح له بلعب هذا الدور". وأضافت أن العمل الخيري "يتمتع [أيضاً] بقدرة فريدة على جلب صانعي القرار ومجتمعات الشعوب الأصلية وكبار العلماء ورجال الأعمال إلى ذات الطاولة وفتح باب الحوار. وتعد القدرة على القيام بذلك أمراً ضرورياً للمساعدة في إيجاد مقترحات تقرب وجهات النظر لاتخاذ إجراءات منصفة فيما يتعلق بالمناخ".

وأفاد تقرير صدر قبيل قمة انعقاد مؤتمر الأطراف COP27 أن إجمالي متطلبات الاستثمار السنوي للدول النامية سيصل إلى 2.4 تريليون دولار بحلول عام 2030، نصفها من التمويل الخارجي والباقي من مصادر عامة، خاصة في تلك البلدان.

من جهتها، قالت فيرا سونجي، أحد مؤلفي التقرير، الذي تم تكليفه من قبل مضيفي قمة المناخ الحالية والسابقة، مصر وبريطانيا أن "اجتذاب قدر كبير من التمويل من أجل المناخ هو المفتاح لحل التحديات التنموية الراهنة".

وأشارت إلى أن "ذلك يعني أنه يتعين على الدول الحصول على التمويل الميسر والمستدام والمنخفض التكلفة من بنوك التنمية المتعددة الأطراف للمساعدة في حشد الاستثمارات من القطاع الخاص وقطاع العمل الخيري".

تقع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على خط المواجهة مع تغير المناخ. فارتفاع درجات الحرارة وانتشار الجفاف يؤثران بالفعل على إمدادات المياه وأنظمة إنتاج الغذاء، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الهشة في عدد من الدول التي تعاني أصلاً من النزاعات وتضخم الشريحة السكانية من الشباب وتقلب أسعار النفط وضعف الحوكمة.

كان مؤتمر الأطراف COP27 أول حدث من نوعه يعقد في المنطقة العربية. وسيعقد مؤتمر الأطراف COP28 عام 2023 في الإمارات العربية المتحدة مع توقع المنظمين حضور 140 رئيس دولة وأكثر من 80,000 مشارك. وقال سلطان بن أحمد الجابر، المبعوث الإماراتي الخاص للتغير المناخي، أن الدولة ستوظف استضافتها للفعالية في "بناء الجسور" و"تعزيز الجهود العالمية" لدعم بلدان الجنوب والدول الأكثر عرضة للأثار المترتبة على تغير المناخ".-PA