آفاق هشة

آصف صالح، المدير التنفيذي لمنظمة ’براك‘ يؤمن بأن مكافحة تغير المناخ تستدعي عدداً أقل من الاختراقات الجديدة والمزيد من التوسع في الحلول المجتمعية التي أثبتت جدواها.

 

بكل صراحة ودون تنميق للكلمات يقول آصف صالح، المدير التنفيذي لمنظمة ’براك‘ BRAC أن "الشعور بالإلحاح حقيقي ولذلك لابد أن تتماشى السرعة في اتخاذ الإجراءات والتكيف مع أزمة المناخ [المتصاعدة]". وفي حديث مع ’زمن العطاء‘ على هامش مؤتمر الأطراف (COP28) قال صالح التي تعد المنظمة غير الحكومية التي يقودها ويقع مقرها في بنغلاديش واحدة من أكبر المنظمات في العالم: "إننا نواجه العديد من الأزمات في جميع أنحاء العالم... فالموارد تتعرض لضغوط متزايدة، مما يحتم علينا تحقيق المزيد بموارد أقل".

ولذلك يرسل صالح واضحة إلى روّاد العطاء والمحسنين مفادها أن عليهم التخلص من الهوس بالاختراقات الجديدة والتركيز عوضاً عن ذلك على الحلول التي يتم تصميمها وقيادتها محلياً.

ويتحدى صالح النظرة التقليدية للابتكار، قائلاً أننا "في الكثير من الأحيان نعتقد أن الابتكار لا بد أن يكون مذهلاً وقائماً على منتج من شأنه أن يُحدث ثورة في العالم. مع ذلك، فإن الواقع هو أن العديد من الحلول متوفرة بالفعل وما تحتاج إليه فقط هو الحصول على دعم مالي لتوسيع نطاقها".

وفي اليوم الأول لمؤتمر الأطراف (COP28)، أعلنت قيادته عن إنجاز مهم وهو أن صندوق الخسائر والأضرار الذي تمت مناقشته منذ فترة طويلة قد حصد التزامات تتجاوز قيمتها 700 مليون دولار وأن هذا الصندوق الذي طال انتظاره بات على وشك التفعيل.

وسيقدم صندوق الخسائر والأضرار، الذي يديره البنك الدولي، المساعدة الفنية والمالية للدول النامية المعرضة للآثار الضارة لتغير المناخ.

ووصف صالح هذا الإعلان بأنه "تطور بالغ الأهمية"، لكنه أكد أن الطريق أمامنا لا تزال طويلة. كما شدد على أن "الصندوق لن يحتاج إلى ملايين [الدولارات] بل إلى المليارات" من أجل إحداث تأثير حقيقي، مضيفاً أنه يتعين على الحكومات توسيع نطاق تركيزها إلى ما هو أبعد من إصلاح الأضرار، ليشمل التكيّف وبناء القدرة على الصمود لتمكين المجتمعات من تحمّل الصدمات المستقبلية.

وقد أصدرت المنظمة مقطع فيديو جديد مؤثر قبيل انعقاد مؤتمر الأطراف (COP28) قامت خلاله بتتبع صالح أثناء زيارته لبعض المجتمعات الساحلية في بنغلاديش التي يُلحق تغير المناخ ضرراً بنظمها البيئية ويعصف باقتصاداتها المحلية. ويجد سكان بنغلاديش أنفسهم على الخطوط الأمامية في المعركة مع أنماط الطقس المتغيرة ودرجات الحرارة القصوى. فسكان القرى يضطرون للانتقال من منازلهم هرباً من تآكل الأراضي في حين تشهد البلاد ارتفاعاً في عدد الإصابات بسرطان عنق الرحم والسكتات الدماغية التي يعتقد أنها مرتبطة بارتفاع ملوحة المياه الجوفية في البلاد الناتجة عن ارتفاع منسوب مياه البحر.

وقد شدد صالح على ضرورة الانضمام إلى جهود مكافحة تغير المناخ مشيراً إلى أن "الجهود المضنية التي يبذلها الناس للبقاء على قيد الحياة أصبحت غير مجدية" محذراً من "أننا بحاجة إلى الانضمام إلى معركتهم وعلينا أن نقوم بذلك بسرعة فائقة لأن أزمة المناخ لن تتوقف عند هذا الساحل: فعندما تنتهي من هنا، سيأتي الدور علينا."

يذكر أن منظمة ’براك‘ قد تأسست عام 1972 على يد الراحل السير فضل حسن عابد، وبدأت عملها كمنظمة إغاثية تسعى لدعم النازحين في بنغلاديش التي كانت آنذاك قد نالت استقلالها حديثاً. غير أنه في العقود الخمسة التي تلت ذلك، توسعت براك ونمت أنشطتها لتصبح أكبر المنظمات غير الحكومية وربما أكثرها تبنياً للمبادرات والمشاريع في العالم.

وتشمل البرامج التي تقدمها المنظمة الحد من الفقر، والمساواة بين الجنسين، وتمكين المجتمعات، وكفالة حصول الجميع على خدمات الرعاية الصحية، والتنمية الحضرية لصالح الفقراء. وكمنظمة رائدة في مجال التمويل البالغ الصغر، تدير ’براك‘ أيضاً 10 مؤسسات اجتماعية ولديها شركة تأمين خاصة بها.

كما أن ’براك‘ هي أول منظمة من ما يسمى بمنظمات الجنوب العالمي تطلق عمليات على المستوى الدولي حيث تعد مقدماً رئيسياً للدعم الإنساني للملايين من لاجئي الروهينجا الذين فروا إلى بنغلاديش من ميانمار. كما أنها تناصر الاستجابات المجتمعية التي تقودها المجتمعات المحلية لمواجهة تحديات التنمية، لا سيما تغير المناخ. -PA

 

يحاول الأشخاص الذين يعيشون على الجبهات الأمامية لأزمة تغير المناخ في بنغلاديش قدر استطاعتهم التكيف - ولكن هناك حدوداً لما يمكنهم القيام به بموارد محدودة. انضم إلى المدير التنفيذي لمنظمة ’براك‘، آصف صالح، أثناء زيارته للمناطق الساحلية في البلاد للتعرّف أكثر على الاستجابات التي تقودها المجتمعات المحلية هناك.