عجلات التغيير

كيف استخدمت منظمة "سكيتستان" غير الحكومية رياضة التزلج على اللوح لإبعاد الأطفال الأفغان عن الشوارع وجذبهم نحو التعليم.

يسكن في العاصمة الأفغانية كابول نحو 5 ملايين نسمة. وتشير التقديرات إلى أن هذه المدينة المحافظة هي خامس أسرع مدينة في العالم من حيث النمو السكاني، لكنها ما تزال تشهد الكثير من التصدعات الاجتماعية والاقتصادية التي نشأت إبان حكم طالبان. ولا يزال مشهد مجموعة من الفتيات الصغيرات اللواتي يرتدين الحجاب في مكان واحد مع مجموعة من الصبية الصغار أمراً غير عادي. ومن غير المألوف أيضاً أن يكون اجتماعهم من أجل ممارسة رياضة التزلج على اللوح.

بدأت "سكيتستان" عام 2007 مع ثلاثة ألواح تزلج فقط ومجموعة صغيرة من الأطفال المفتونين باللعبة في مكان مهجور في كابول كان سابقاً نافورة على شكل طبق. والمشروع هو من بنات أفكار الشاب أوليفر بيركوفيتش، الذي رأى في هذه الرياضة الحضرية عند وصوله إلى البلاد، وسيلة للوصول إلى الشباب الأفغاني وتخطي الحواجز بين الجنسين وبين الأعراق والفئات الاجتماعية المختلفة.

ويقول بيركوفيتش الأسترالي المولد: "ما أدهشني حقاً أن نصف السكان هم تحت سن 16 عاماً، لذا وجدتها  فرصة للعمل مع الأطفال الصغار على المدى الطويل. كنت مقتنعاً أن بإمكانهم تغيير البلاد. كان التزلج على اللوح جديداً تماماً بالنسبة للأفغان، لدرجة أنه لم يكن هناك حواجز ثقافية ضده، خصوصاً بين صفوف الفتيات. وهو ما كان بمثابة مهرب ضمن هذا المجتمع المحافظ".

بدأت "سكيتستان" بتقديم دروس مجانية صغيرة في الأماكن العامة، ثم أطلقت عام 2009 أول حديقة تزلج في البلاد بنيت على أرض تبرعت بها اللجنة الأولمبية الوطنية. بلغت تكلفة الحديقة والمرافق المدرسية 350 ألف دولار، تم تمويلها بتبرعات من السفارات الأجنبية والعلامات التجارية الشهيرة التي قدمت ألواح التزلج كمساهمة منها.

ويقول بيركوفيتش حول علاقته مع المجتمع المحلي: "كان بناء الثقة وتكوين رأس مال اجتماعي مع المجتمع المحلي من أهم الأولويات". ويضيف قائلاً: "إذا ما تقبّلت العائلات الأفغانية الفكرة بإيجابية، فإن من شأن ذلك تحويل رأس المال الاجتماعي إلى رأس مال مادي".

"كان التزلج على اللوح جديداً تماماً بالنسبة للأفغان لدرجة أنه لم تكن هناك حواجز ثقافية ضده، خصوصاً بين صفوف الفتيات".

وحالياً، يواظب نحو 450 طفلاً، تتراوح أعمارهم بين 5 و 18 عاماً على حضور الدروس كل أسبوع، في مخزن ضخم، حيث يتم تدريبهم على التزلج على اللوح وتقديم الدروس في الرياضيات والدراسات الإسلامية والداري، وهي لهجة محلية. ويشكِّل أطفال الشوارع أكثر من نصف الطلاب، فيما تبلغ نسبة الفتيات بينهم نحو 40 بالمئة. ويوجد 200 طفل على قائمة الانتظار التابعة للمشروع.

ويقول بيركوفيتش عن الأطفال الذين يحضرون الدروس: "لا تتوفر لأطفال الشوارع فرص للوصول إلى التعليم، لأن التسول أكثر ربحية لعائلاتهم، إذ يمكنهم أن يكسبوا من التسول أكثر من 10 دولارات في اليوم في حين يكسب رب الأسرة 40 دولاراً في الشهر فقط. نستخدم التزلج كوسيلة لجذب الأطفال للحصول على تعليم جيد. وفي حال لم يحضر الطلاب، فإننا نعطي المكان لطفل آخر. فنحن لسنا مركزاً عابراً للهو فقط".

يهدف برنامج "العودة إلى المدرسة" الذي تشرف عليه "سكيتستان" إلى توجيه الأطفال للعودة إلى نظام المدارس الحكومية في أفغانستان، حيث يتم تكثيف ثلاث سنوات دراسية في سنة واحدة، ما يسمح للخريجين بالالتحاق بالصف الرابع في المدارس المحلية. وقد عاد حتى الآن 110 من طلاب "سكيتستان" إلى التعليم العام. ويأمل بيركوفيتش في تسجيل 120 طفلاً آخر في البرنامج عام 2014.

وقد ازدهرت "سكيتستان" بعد بداية ضعيفة، ومن ثم تم إطلاق مشاريع مشابهة في مدينة مزار شريف بشمال أفغانستان، وفي جنوب أفريقيا، وفي 2012 في كمبوديا. يتم جمع التمويل من خلال السفارات الأجنبية، وحملات عبر الإنترنت تقام مرتين في السنة، ورغم ذلك يحرص بيركوفيتش على تأكيد الحاجة إلى مانحين جدد. ويتم حالياً تشغيل المركز في كابول بأيد محلية، إذ أن 23 موظفاً من أصل 25 ممن يديرون المشروع هم من الطلاب السابقين.

تجسد مدربة الفتيات فضيلة شريندل إحدى قصص النجاح المحلية. فقد بدأت بالمشاركة كطالبة في دورات التزلج في الشارع، إلى أن ضرب الفقر أسرتها فاضطرت لترك المدرسة حتى تتمكن من كسب المال. ولمساعدتها، عينتها "سكيتستان" مدربة براتب شهري قدره 60 دولاراً، ما أتاح لها إعادة الانخراط في المدرسة والمساهمة في تأمين دخل للأسرة في آن معاً. وتتمتع الشابة التي تبلغ من العمر 15 عاماً بطموح كبير. وتعبر عنه بلا خوف قائلة: "أريد أن أصبح مديرة سكيتستان". — PA

اضغط هنا لمعرفة المزيد عن العمل الذي تقوم "سكيتستان".