إحياء ذكرى السيدة الأولى السابقة روزالين كارتر

السيدة كارتر بذلت جهوداً حثيثة وعملت بشكل وثيق مع الرئيس جيمي كارتر لحل النزاعات وتعزيز حقوق الإنسان وتحسين الصحة على الصعيد العالمي.

توفيت السيدة الأولى السابقة روزالين سميث كارتر عن عمر يناهز 96 عاماً، محاطة بعائلتها في منزلها في بلينز في ولاية جورجيا. والسيدة كارتر، الناشطة الإنسانية والرائدة في مجال الصحة العقلية، هي زوجة الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة والحاصل على جائزة نوبل للسلام لعام 2002 جيمي كارتر، الذي يبلغ من العمر 99 عاماً. وقد استمر زواج روزالين والرئيس كارتر 77 عاماً تعاونا خلالها بشكل وثيق مع بعضهما البعض.

وقال الرئيس كارتر في بيان له: "لقد كانت روزالين شريكتي بالتساوي في كل ما أنجزته في حياتي... لقد أعطتني التوجيه الحكيم والتشجيع عندما كنت بحاجة إليه. وطالما كانت روزالين في العالم، كنت أعرف دائماً أن شخصاً ما يحبني ويدعمني".

وبعد أن غادر الرئيس كارتر البيت الأبيض في عام 1982، أنشأ الزوجان مركز كارتر، وهو منظمة غير ربحية متخصصة في حل النزاعات وتعزيز الديمقراطية والنهوض بالصحة. وتتنوع المبادرات التي يقودها المركز من مراقبة الانتخابات في أمريكا اللاتينية، والعمل على حل النزاعات في الشرق الأوسط وأفريقيا إلى جهود المناصرة والتثقيف في مجال الصحة العقلية، والمبادرات التي تتصدى لأمراض المناطق الاستوائية المهملة مثل التراخوما المسببة للعمى وداء دودة غينيا.

وفي ثمانينات القرن الماضي، أطلق مركز كارتر برنامجاً لمكافحة داء مرض دودة غينيا عندما كان عدد الإصابات بهذا المرض تقدر بأكثر من 3.5 مليون حالة في جميع أنحاء العالم.

لكن بحلول نهاية العام الماضي، انخفض عدد حالات الإصابة بداء دودة غينيا على مستوى العالم إلى 13 إصابة  فقط في خمس دول (أنجولا وتشاد وإثيوبيا ومالي وجنوب السودان)، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 99.99 في المئة ليصبح داء دودة غينيا بذلك ثاني مرض بشري يتم القضاء عليه بعد الجدري.

" لقد أعطتني التوجيه الحكيم والتشجيع عندما كنت بحاجة إليه. وطالما كانت روزالين في العالم، كنت أعرف دائماً أن شخصاً ما يحبني ويدعمني."

الرئيس جيمي كارتر

image title
الرئيس جيمي كارتر مع زوجته الراحلة روزالين. الصورة: شاترستوك

وقد لعبت دولة الإمارات العربية المتحدة دوراً حاسم الأهمية كشريك وممول رئيسي في مكافحة داء دودة غينيا، وذلك بفضل اجتماع تاريخي جمع الرئيس كارتر والشيخ زايد، الأب المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، في عام 1990 بأبو ظبي. وقد نتج عن هذا اللقاء شراكة خيرية طويلة الأمد لا تزال مستمرة إلى يومنا هذا.

كما كان الرئيس كارتر وزوجته روزالين من الداعمين منذ أمد طويل للمؤسسة الخيرية المتخصصة بالإسكان وبناء المنازل "الموئل من أجل الإنسانية". وعلى الرغم من تقدمهما في السن إلا أنهما استمرا في تكريس عدة أيام كل عام للعمل التطوعي والمساهمة بشكل شخصي في بناء وتجديد الآلاف من المنازل.

مع ذلك يمكننا القول أن البصمة الأعمق للسيدة كارتر كانت في مجال مناصرة الصحة العقلية. فمن خلال قيادتها لبرنامج الصحة العقلية التابع لمركز كارتر، تصدت السيدة الأولى السابقة بشجاعة للمحظورات المجتمعية بدعوتها لقادة الصحة والمنظمات الصحية لمناقشة قضايا السياسة العامة التي تؤثر على الصحة العقلية وأنظمة رعاية تعاطي المخدرات على الصعيد الوطني وصعيد الولايات.

وكجزء من الجهود الدولية للحد من الوصمة والتمييز، أنشأت السيدة الأولى السابقة "زمالة روزالين كارتر لصحافة الصحة النفسية" لتوفير الدعم المالي والتدريب للصحفيين من أجل إعداد كادر من الصحفيين المستنيرين والقادرين على تقديم تغطية أكثر دقة ووعياً.

وحتى الآن، تم منح هذه الزمالات لصحفيين من الولايات المتحدة وكولومبيا وقطر والإمارات العربية المتحدة ورومانيا وجنوب أفريقيا ونيوزيلندا.

من جهتها، وصفت بيج ألكسندر، الرئيس التنفيذي لمركز كارتر، السيدة كارتر بأنها "السيدة الأولى التي لعبت دوراً ريادياً ... ولمست قلوب الملايين بدفئها وكرمها وعطفها"، كما استخدمت السيدة كارتر "صوتها القوي والمؤثر لغرس الأمل في نفوس الأشخاص الأكثر ضعفاً".

وأشاد الرئيس الأمريكي جو بايدن بعائلة كارتر ووصفها بأنها "عائلة رائعة جلبت الكثير من النعمة إلى مكتب [الرئيس الأمريكي]". وفي بيان مشترك، قال الرئيس بايدن والسيدة الأولى جيل بايدن أن روزالين كارتر "كانت مصدر إلهام للبلاد".

وأضافا في بيانهما المشترك أن السيدة كارتر "كانت مدافعة عن الحقوق والفرص المتساوية للنساء والفتيات؛ ومناصرة للصحة العقلية لجميع الأشخاص؛ وداعمة لمقدمي الرعاية غير المرئيين الذين لا يتم تعويضهم بشكل كاف ممن يقدمون الخدمات لأطفالنا وأحبائنا المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة".

من جهتها، وصفت مؤسسة "الموئل من أجل الإنسانية"، وهي مؤسسة خيرية مقرها جورجيا كانت عائلة كارتر تكرس نفسها لدعمها، السيدة كارتر بأنها "مناصرة عطوفة ومتفانية لمؤسسة الموئل من أجل الإنسانية، وعملت بلا كلل لمساعدة الأسر في جميع أنحاء العالم".

أما الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون فقال: "سوف نتذكر روزالين إلى الأبد باعتبارها رمزاً للحياة الهادفة" ووصفها بيل وزوجته السيدة الأولى السابقة هيلاري كلينتون بأنها "مدافعة عن الكرامة الإنسانية"، مشيرين في بيان مشترك إلى أنه "بفضل مناصرتها للصحة العقلية، يتمتع المزيد من الأشخاص بمستويات أعلى من الرعاية وأقل من الوصم".

وأضاف البيان: "بفضل قيادتها المبكرة في مجال تحصين الأطفال، أصبح الملايين من الأميركيين يتمتعون بصحة أفضل. ومن خلال عملها لعقود في مركز كارتر ومع مؤسسة الموئل من أجل الإنسانية، نشرت الأمل والصحة والديمقراطية في جميع أنحاء العالم".

"كانت مدافعة عن الحقوق والفرص المتساوية للنساء والفتيات؛ ومناصرة للصحة العقلية لجميع الأشخاص؛ وداعمة لمقدمي الرعاية غير المرئيين الذين لا يتم تعويضهم بشكل كاف ممن يقدمون الخدمات لأطفالنا وأحبائنا المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة."

الرئيس الأمريكي جو بايدن والسيدة الأولى جيل بايدن

image title image title image title
رئيس جيمي كارتر وزوجته الراحلة روزالين يعملان معًا في ليبيريا ونيجيريا. الصور: مركز كارتر

ولدت إليانور روزالين سميث في 18 أغسطس 1927 في بلينز، وكانت الابنة الكبرى لعائلتها بين أربعة أطفال. وقد تركتها وفاة والدها عندما كانت سن صغيرة أمام مسؤوليات كبيرة، إّذ كانت تعتني بإخوتها الصغار بينما كانت والدتها تعمل بدوام جزئي.

وقالت السيدة كارتر ذات مرة: "كنا فقراء للغاية وعملنا بجد". وعلى الرغم من حصولها على وظيفة بدوام جزئي في صالون للتجميل لتعزيز دخل الأسرة، واصلت روزالين دراستها وحصلت على جائزة الطالبة المتفوقة عند تخرجها.

وكانت السيدة الأولى السابقة قد التقت بزوجها في موعد مدبّر، وتزوجا في عام 1946. وتركت السيدة كارتر زوجها وأبناءها (جاك، وتشيب، وجيف، وإيمي)، و11 حفيداً و14 من أبناء الأحفاد. وتوفي حفيد لها في عام 2015.

وستقام مراسم الاحتفاء بحياة روزالين سميث كارتر بعد عطلة عيد الشكر في أتلانتا ومقاطعة سومتر بولاية جورجيا، كما أعلن مركز كارتر مساء الأحد.

يتوفر سجل رسمي للتعزية عبر الإنترنت RosalynnCarterTribute.orgى-PA