الفرص الخضراء

تعرّف على المؤسسة السعودية التي توفر فرص العمل الصديقة للمناخ للشباب والنساء من الفئات الأقل دخلاً في المملكة.

تضطلع مؤسسة الملك خالد في المملكة العربية السعودية بدور ريادي بإطلاقها برنامج "منحة الفرص الخضراء" الذي يسعى إلى إشراك الجيل التالي من المؤسسات الاجتماعية والمنظمات غير الهادفة للربح في التصدي لأوجه عدم المساواة الاجتماعية كالفقر وبطالة الشباب بأسلوب صديق للبيئة.

وقد فتحت المؤسسة باب التقدم للنسخة الثانية من "منحة الفرص الخضراء" التي انطلقت عام 2022 كمبادرة تجريبية بقيمة مليون ريال سعودي (267,000 دولار) من أجل بناء قدرات المنظمات غير الهادفة للربح والمؤسسات الاجتماعية التي تعمل على تطوير الاقتصاد الأخضر في المملكة، ودعت المنظمات المهتمة بالحصول على المنحة لتقديم مقترحاتها للنظر فيها.

وفي حديثها عن هدف المنحة قالت نادين حساسيان، مديرة برنامج الاستثمار الاجتماعي لدى مؤسسة الملك خالد: "نسعى لتحفيز القطاع غير الربحي لابتكار مشاريع تنموية تجمع بين العدالة الاجتماعية والاستدامة الاقتصادية والبيئية".

وكانت 98 جهة غير هادفة للربح قد سجّلت في الجولة الأولى من المنحة وتمت دعوة 31 منها لحضور الورش التعريفية حول "الاقتصاد الأخضر" التي استضافت مجموعة من الخبراء وأساتذة الجامعات لتوضيح مفهوم الاستدامة وتسليط الضوء على "الوظائف الخضراء".

وبانتهاء الورش التعريفية، انتقلت 19 منظمة إلى المرحلة التالية، ومن ثم اختارت مؤسسة الملك خالد ثمانية منها ذات مقترحات أكثر صلة بالاستدامة قبل أن تعلن عن المنظمات الأربعة الفائزة والتي حصل كل منها على منحة تتراوح قيمتها بين 100,000 و250,000 ريال سعودي.

"نسعى لتحفيز القطاع غير الربحي لابتكار مشاريع تنموية تجمع بين العدالة الاجتماعية والاستدامة الاقتصادية والبيئية".

نادين حساسيان، مديرة برنامج الاستثمار الاجتماعي، مؤسسة الملك خالد

وأضافت حساسيان منوهة بالنطاق المتواضع للمبادرة: "نحن نسعى إلى بدء الحوار حول ماهية الاقتصاد الأخضر والوظائف الخضراء؟ وكيف يمكننا التصدي للقضايا الاجتماعية وفي الوقت ذاته الحفاظ على البيئة؟".

ويعتبر هذا التركيز المزدوج على التنمية الاقتصادية والمستدامة مفهوماً جديداً نسبياً في السعودية والمنطقة العربية بشكل عام، إذ قالت حساسيان أن معظم البرامج البيئية التي تديرها المنظمات المختلفة تركّز على رفع الوعي أو غرس الأشجار.

وأضافت قائلة: "لكننا لا نبحث عن [تمويل] مثل هذه الأنشطة ... [بل] نسعى لأن تتوصل هذه المنظمات إلى حلول جديدة للمشاكل البيئية والاقتصادية لا سيما أنها تعمل على الخطوط الأمامية وتدرك على نحو أفضل ما الذي يجب القيام به، والأهم من ذلك، كيفية القيام بهذه الجهود".

ومن المنظمات التي تلقت المنحة العام الماضي جمعية التنمية الأهلية بالشعبة التي تتخذ من الأحساء مقراً لها. تعمل الجمعية على تدريب الشابات العاطلات عن العمل على نسج سعف النخيل لصنع الأكياس والوسائد والمنتجات الأخرى بهدف بيعها في الأسواق المحلية بدلاً حرقها أو إرسالها إلى مكب النفايات.

كما تم اختيار جمعية المسؤولية الاجتماعية بمحافظة جدة لتلقي المنحة عن مشروعها لتعليم السعوديين العاطلين عن العمل تحويل نفايات المصانع، كالخشب والأكريليك، إلى ألعاب ولوازم منزلية وأدوات قرطاسية. وإلى جانب تعليم العاطلين عن العمل كيفية القطع والحفر باستخدام الليزر، تقوم الجمعية بتدريب المشاركين في برامجها على التصميم الجرافيكي والمهارات الأساسية في مجال التسويق.

بدورها، قالت هبة بخاري، الرئيس التنفيذي لجمعية المسؤولية الاجتماعية بمحافظة جدة: "نسعى لتقديم نموذج صناعي مبتكر لرواد الأعمال من شأنه أن يحافظ على البيئة ويعزز ممارسات التنمية المستدامة".

وتقوم المنظمة الثالثة التي حصلت على المنحة بإنشاء مشتل لتدريب صغار المزارعين على الزراعة العضوية في حين انسحبت المنظمة الرابعة من البرنامج.

وتعتبر "منحة الفرص الخضراء" أحدث برنامج تطلقه مؤسسة الملك خالد، إحدى أكثر المؤسسات غير الربحية تقديراً في السعودية، لتعزيز سمعتها وإنجازاتها في مجال الاستدامة. وفي عام 2022، قامت المؤسسة بمراجعة استراتيجيتها الرئيسية لخلق تركيز مزدوج على تكافؤ الفرص والاستدامة البيئية.

وفي وقت سابق من هذا العام، أصبحت مؤسسة الملك خالد أول مؤسسة على مستوى المنطقة توقع على الالتزام الدولي للعمل الخيري من أجل المناخ، الذي أطلقته المنصة العالمية للعمل الخيري WINGS والتحالف الأوروبي للعمل الخيري من أجل المناخ.-PA

image title
حرف يدوية صنعتها نساء سعوديات من سعف النخيل في الأحساء. الصورة: مصطفى حليمي/ جمعية التنمية الأهلية بالشعبة

إحياء التقاليد وخفض النفايات

لطالما لعبت أشجار النخيل دوراً حيوياً في ثقافة منطقة الخليج واقتصاداتها حيث تعد التمور واحدة من الأغذية الأساسية لسكانها فضلاً عن كونها سلعة رئيسية للتصدير.

وجرت العادة أن يتم نسج سعف النخيل الميتة أو ذات اللون البني لصنع الحرف اليدوية والأدوات كالمكانس والسلال والمراوح والحقائب والحُصر وحتى جدران المنازل. غير أن هذه المهارات تعرضت للنسيان في السنوات الأخيرة في ظل العصرنة على الرغم من أن انتشار التقنيات الزراعية المكثفة قد تسبب بزيادة كبيرة في مخلفات النخيل.

وتضم محافظة الأحساء السعودية أكبر واحة في العالم بمساحة 84 كيلومتراً مربعاً وأكثر من 2.5 مليون شجرة نخيل. ووفقاً لغرفة الأحساء، تنتج هذه الأشجار أكثر من 41 طناً من النفايات التي يتم في معظم الحالات حرقها أو إرسالها إلى مكبات النفايات.

وقال حسين الجابر، رئيس جمعية التنمية الأهلية بالشعبة، وهي منظمة غير حكومية يقع مقرها في الأحساء، لـ ’زمن العطاء‘ أن منظمته كانت تبحث عن طريقة للحد من حرق سعف النخيل والتخلص منها في مدافن النفايات فتوصلت لفكرة تنمية مهارات السكان المحليين لتحويل السعف إلى منتجات مفيدة وبيعها للزوار.

وبفضل "منحة الفرص الخضراء" التي تقدمها مؤسسة الملك خالد، تقوم الشعبة حالياً بتدريب 28 شابة عاطلة عن العمل من الأسر الأقل دخلاً في الأحساء لنسج السعف وتحويلها إلى منتجات يدوية.

ويقوم البرنامج التدريبي الذي يمتد لمدة عام ويُدار من قبل النساء فقط، بتعليم مهارات النسج وصنع المنتجات فضلاً عن تعريف المشاركات بمفاهيم ريادة الأعمال والتسويق. كما تحصل النساء بعد انتهاء البرنامج التدريبي على تراخيص تجارية تمكنهن من بيع منتجاتهن في جميع أنحاء محافظة الأحساء التي تتزايد شهرتها كوجهة للزوار بفضل التسهيلات الجديدة التي تقدمها السعودية لحاملي التأشيرات السياحية.

وأضاف الجابر أن هذا المشروع يتصدى لبطالة الشباب، التي وصفها بأنها "القضية الاجتماعية والاقتصادية الأكثر إلحاحاً في محافظته"، ويحيي الحرف التقليدية ويحد من هدر الموارد.

اقرأ المزيد