المانحون في الشرق الأوسط يتأخرون مع تباطؤ العطاء في ميدان التغيُّر المناخي العالمي

تظهر البيانات الجديدة أنَّ التمويل الخيري لمبادرات المناخ ظلَّ ثابتاً نسبياً في عام 2022، حيث ظهرت مناطق الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بأدنى مستوى في هذا الإطار.

تباطأت التبرعات الخيرية العالمية الموجَّهة للتخفيف من حدة التغيَّر المناخي، حيث شهد الشرق الأوسط أقل قدر من التمويل مقارنةً بجميع المناطق، ووفقاً لتقرير جديد صادر عن كلايميت ووركس، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة تتعقب الأعمال الخيرية المناخية.

خلال عام 2022، قُدر إجمالي التبرعات الخيرية من قبل المؤسسات والمانحين الأفراد بنحو 811 مليار دولار أمريكي، أقل من اثنان في المائة منها (أي ما يعادل 7.8 مليار دولار - 12.8 مليار دولار) كانت موجَّهة نحو معالجة التغيُّر المناخي.

إنَّ هذه الأرقام، وفقاً لتقرير توجُّهات التمويل الذي أصدرته كلايميت ووركس ClimateWorks Funding Trends Report، لم تتغير بشكل أساسي عما كانت عليه في عام 2021.

قالت هيلين ماونتفورد، الرئيس والمدير التنفيذي في كلايميت ووركس، إنَّ البيانات أظهرت تباطؤاً مقلقاً في الوقت الذي تحتاج فيه الأعمال الخيرية المناخية إلى زيادة التمويل من أجل أن تقوم بدورها في الحد من الاحتباس الحراري وبلوغ أهدافها في تحقيق صافي انبعاثات صفري.

وأوضحت هيلين: "في العموم، الصورة التي لدينا مخيبة للآمال إلى حد ما عن العمل الخيري المناخي." في عام تميّز بالتحديات الاقتصادية العالمية، ودرجات الحرارة القياسية، والارتفاع المفاجئ في الكوارث المتعلقة بالمناخ، وتتابع هيلين: "كان من الممكن عمل المزيد لتسريع العمل المناخي".

وأضافت ماونتفورد: "بعد سنوات من النمو، لم يُظهر التمويل الخيري للتخفيف من حدَّة التغيُّر المناخيّ أي نمو على الإطلاق في عام 2022، ولم يزل أقل بكثير من الحجم المطلوب للأزمة العالمية."

حلَّت المؤسسات العاملة في هذا الشأن في أمريكا الشمالية وأوروبا في المقدِّمة، حيث شكلت 63 في المائة من إجمالي العطاء لمبادرات التخفيف من حدة التغيُّر المناخيّ خلال عام 2022. لكن المنطقة التي شهدت أكبر زيادة في الزخم كانت إفريقيا، التي مثلت تسعة في المائة من إجمالي العطاء المبذول في ميدان التغيُّر المناخي العالمي مع زيادة بنسبة 38 في المائة عن عام 2021.

وبالمقارنة، شهدت المؤسسات في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أقل قدر من التمويل الخيري لأزمة المناخ، وفقًا لهيلين ديسانليس، مديرة كلايميت فيلانثروبي (Climate Philanthropy) في كلايميت ووركس وأحد كُتّاب التقرير.

"الحفاظ على الوضع الراهن كما هو، ببساطة لا يكفي. يجب أن ننظر لهذا التقرير على أنه التحقق من الواقع، ونداء للعمل لكل المؤسسات الخيرية أن تقدِّم العطاء وتحسِّن من أدائها."

هيلين ماونتفورد، الرئيس والمدير التنفيذي في كلايميت ووركس

وتابعت ديسانليس "إنَّ المنطقة التي نتتبعها هي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وهي التي تلقت أقل قدر من التمويل. فما وصلها كان أقل من ثلاثة ملايين دولار سنوياً في المتوسط بين عامي 2018 و2022، وأقل من مليون دولار في 2022 وحدها"، جاء هذا في رد ديسانليس على سؤال وجهته لها زمن العطاء حول مستويات العمل الخيري المناخي في المنطقة.

وهذا كان سبباً في أن المنطقة لا تحظى بهذه التغطية الكبيرة في تقرير كلايميت ووركس. وعن ذلك أوضحت ديسانليس إنَّ هذه المناطق لم تشهد زيادات في تلقي العطاء كما هو الحال في أجزاء أخرى من العالم: "هناك القليل جداً من المنح والبيانات لدرجة أنه لا يوجد الكثير الذي يُروى عن ذلك".

وبالرغم من أنَّ العمل الخيري المناخي العالمي يفتقر على العموم إلى التنامي، فإنَّ التقرير سلَّط الضوء على بعض قصص النجاح التي حدثت عام 2022، بما في ذلك تسريع التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، والالتزامات بإنهاء إزالة غابات الأمازون في البرازيل، وإنشاء صندوق للخسائر والأضرار خلال مؤتمر الأطراف  COP27الذي انعقد في مصر، لمساعدة البلدان ذات الدخل المنخفض على التعامل مع آثار التغيُّر المناخي.

ومع ذلك، وبحسب ماونتفورد، هناك الكثير مما يتعيَّن على رواد العطاء والمؤسسات الخيّريّة القيام به، مع قلة الوقت المتاح لفعل ذلك. وتستطرد ماونتفورد "لنقل ذلك بصراحة، إنَّ التمويل الحالي لا يتناسب مع مدى خطورة الأزمة، وحجم الجهود اللازمة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وخفضها بمعدل 1.5 درجة مئوية."

وأضافت أن نحافظ على الوضع الراهن كما هو، فإنَّ ذلك لا يكفي. "يجب أن ننظر إلى هذا التقرير باعتباره اختباراً للواقع، ونداء أيضاً لجميع المؤسسات الخيرية أن تقدِّم العطاء وتحسِّن من أدائها. هناك العديد من الحلول الموجودة اليوم وهي جاهزة للتنفيذ على نطاق أوسع، ولكن يجب تمويلها كما نريد لنضمن نجاحها. نحن بحاجة إلى تدفق التمويل لهذه الحلول في هذا العقد، وفي هذا العام، وفي هذه اللحظة. فالآن هو الوقت الصحيح لفعل ذلك." PA