علمت نفسها وفازت بجائزة المعلم العالمية 2023 بقيمة مليون دولار

المعلمة الباكستانية الأخت زيف كرست حياتها لتعليم الأطفال من الفئات المحرومة

فازت الأخت زيف، وهي سيدة باكستانية تركت الدراسة في سن الـ13 ونجحت لاحقاً في تأسيس مدرستها الخاصة وتعليم الفتيات المحرومات، بجائزة المعلم العالمية لعام 2023 التي تبلغ قيمتها مليون دولار. وقد تم الإعلان عن نتائج هذه المسابقة المرموقة خلال حفل نظمته مؤسسة فاركي، المنظمة المؤسسة للجائزة، في باريس بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ودبي العطاء.

وقد تم اختيار الأخت زيف، التي تنحدر من مدينة جوجرانوالا، ثالث أكبر المدن الصناعية في باكستان، من بين مجموعة تضم أكثر من 7,000 معلم ومعلمة من 130 دولة. وتقول المدرّسة التي تبلغ من العمر اليوم 39 عاماً، أنها واجهت في الصغر تمييزاً في مدرستها بسبب خلفيتها المسيحية، وبعد تعرضها للإساءة من قبل أحد المعلمين، اتخذت قراراً بالانسحاب من المدرسة إلى الأبد.

مع ذلك، لم تتخل الأخت زيف عن شغفها بالتعليم. وبينما كانت تواصل دراستها بنفسها، التزمت بمشاركة ما تتعلمه مع الأطفال الآخرين خارج المدرسة. وكانت تموّل هذه الجهود من خلال أعمال التطريز التي كانت تقوم بها ومن العمل كسكرتيرة فأنشأت فصلاً دراسياً في فناء منزلها وقامت في البداية بتعليم شقيقتها وأصدقائها.

واليوم تحمل الأخت زيف درجتي ماجستير ونجحت في توفير التعليم المجاني لأكثر من 500 طالب من المجتمعات المحرومة. علاوة على ذلك، تقدم الأخت زيف دروساً في الدفاع عن النفس للفتيات وتشرف على مركز مهني ساهم حتى اليوم في تدريب أكثر من 6,000 سيدة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمنسوجات واللغة الإنجليزية.

وفي كلمتها خلال قمة ’ريوايرد‘ RewirED التي استضافتها دبي العطاء في مؤتمر الأطراف (COP28)، قالت الأخت زيف، التي تخطط لاستخدام أموال الجائزة لبناء مدرسة جديدة على قطعة أرض تبلغ مساحتها 10 فدادين: "لقد ازداد عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس بمقدار ستة ملايين طفل منذ عام 2021، ليرتفع إجمالي هذا العدد المثير للقلق إلى 250 مليون طفل غير ملتحق بالمدارس في مختلف أنحاء العالم. ووراء هذه الأرقام هناك إمكانات غير مستغلة، وفرص ضائعة، ومستقبل معرض للخطر".

غير أن الأخت زيف تؤمن بأن التعليم الشامل للجميع "يذلل العقبات ويكسر دائرة الفقر، ويمكّن المجتمعات المحلية المهمشة، ويعزز مجتمعاً يُسمع فيه كل صوت، ويتم فيه تقدير كل منظور وتمكين كل فرد".

"التعليم الشامل للجميع يذلل العقبات ويكسر دائرة الفقر، ويمكّن المجتمعات المحلية المهمشة، ويعزز مجتمعاً يُسمع فيه كل صوت، ويتم فيه تقدير كل منظور وتمكين كل فرد."

الأخت زيف، الفائزة بجائزة المعلم العالمية لعام 2023

تأسست جائزة المعلم العالمية في عام 2015 من قبل مؤسسة فاركي التي يقع مقرها في المملكة المتحدة، وهي مؤسسة خيرية عائلية تقف وراء مجموعة جيمس للتعليم في دبي. ويتم منح هذه الجائزة السنوية التي تعتبر الأكبر من نوعها في هذا القطاع، للمعلمين الاستثنائيين الذين قدموا مساهمات بارزة لمجتمعاتهم.

ومن بين الفائزين السابقين: الأمريكية كيشيا ثورب، التي نقلت تجربتها الخاصة في دعم العنصرية للطلاب المهاجرين وأسرهم؛ ومدرس العلوم بيتر تابيشي من كينيا؛ وأندريا زافيراكو، معلمة الفنون والمنسوجات من المملكة المتحدة، ومعلم القرية الهندي رانجيتسين ديسال.

وقال صني فاركي أثناء تقديمه التهاني للأخت زيف وهي تتسلم جائزتها: "تؤكد قصتك المذهلة على الدور الحاسم الذي يلعبه التعليم في مواجهة التحديات الكبيرة اليوم وغداً".

image title
الممثل والكاتب ستيفن فراي، والمديرة العامة المساعدة لليونسكو ستيفانيا جيانيني، والرئيس التنفيذي لمجموعة جيمس للتعليم دينو فاركي (أقصى اليمين) يقدمون جائزة المعلم العالمية للأخت زيف في مؤتمر اليونسكو العام في باريس. الصورة: اليونسكو

في عام 2021، دخلت مؤسسة فاركي في شراكة مع ’تشيغ دوت أروغ‘ Chegg.org، ذراع المناصرة والبحوث التابعة لشركة تكنولوجيا التعليم ’تشيغ‘  Chegg التي يقع مقرها الولايات المتحدة، من أجل إطلاق جائزة الطالب العالمية بقيمة 100 ألف دولار. وتهدف هذه الجائزة إلى تكريم الطلاب المتفوقين الذين يحدثون تأثيراً إيجابياً في مجتمعاتهم من خلال التعليم.

وقد حصل على جائزة هذا العام نيال دينغ، وهو لاجئ من جنوب السودان قام من خلال إطلاق برامج لبناء السلام وريادة الأعمال والتعليم بتمكين أكثر من 20,000 لاجئ في مخيم كاكوما في كينيا. وقد تم اختيار دينغ من بين 4,000 طالب وطالبة من 122 دولة.

اضطرت عائلة دينغ إلى الفرار من موطنها في جنوب السودان خلال الحرب الأهلية السودانية الأولى إلى إثيوبيا التي ولد فيها. لكن عندما أصبح الصبي في الحادية عشرة من عمره أجبر تجدد النزاع المسلح والعنف في القرية الإثيوبية الصغيرة عائلته على الانتقال مرة أخرى إلى مكان آخر وهذا ما تسبب بانفصاله عن عائلته.

انطلق دينغ بعد ذلك في رحلة استغرقت أسبوعين سيراً على الأقدام للوصول إلى مخيم كاكوما للاجئين في كينيا التي أصبحت موطنه خلال السنوات العشر اللاحقة.

وفي عام 2017، أسس مبادرة سفراء السلام للشباب اللاجئين التي نظم من خلالها ورش عمل وإرشاد للشباب في كاكوما. ومن بين مبادراته المختلفة برنامج القيادة والمناصرة للفتيات الصغيرات، وتعزيز المساواة بين الجنسين وربطهن الفتيات بالمرشدات في جميع أنحاء العالم.

وخلال جائحة كوفيد-19، أطلق نيال دينغ حملة توعية رقمية لإنقاذ الأرواح وصلت إلى أكثر من 40,000 شخص في مخيم كاكوما للاجئين. واستهدفت الحملة التصدي للمعلومات الخاطئة حول الفيروس المسبب لكوفيد-19 وتوفير حقائق ومصادر معلومات موثوقة من منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة الكينية.

وبعد إعلان فوزه، أعرب دينغ عن نيته تخصيص 50 بالمئة من أموال الجائزة لإنشاء مكتبة ومركز مجتمعي في مخيم كاكوما للاجئين، حيث نشأ وترعرع وذلك للاستمرار في توفير المساحة والموارد اللازمة لعقد ورش العمل حول القيادة وبناء السلام والمهارات الحياتية للشباب اللاجئين.

image title
كانت إحدى مبادرات دينغ هي إنشاء برنامج قيادي لتمكين وتعليم الفتيات اللاتي يعيشن في مخيم اللاجئين في كاكوما، كينيا.

ويعني الفوز بجائزة الطالب العالمية بالنسبة لدينغ اكتساب منصة قوية لمناصرة التعليم الشامل للجميع وبناء السلام وبرامج ريادة الأعمال، وكذلك تعزيز أثر المبادرات التي يقوم بها في مخيم كاكوما للاجئين.

وقال الشاب البالغ من العمر 24 عاماً في كلمة ألقاها خلال قمة ’ريوايرد‘ أن "الجائزة الحقيقية التي يجب أن نسعى إليها في هذا العالم هي أن لا يكون السلام والتعليم والأحلام مجرد كماليات بل حقوقاً إنسانية أساسية لكل طفل" مضيفاً أن "كل طفل في كل مكان، من فلسطين إلى أفغانستان، ومن جنوب السودان إلى فنزويلا، ومن أنجولا إلى ميانمار، يستحق الحصول على فرصة للتعليم في بيئة يسودها السلام والازدهار".

وأضاف قائلاً: "قصتي ليست استثنائية؛ بعبارة أخرى، إنها قصة ملايين الأشخاص. وأنا على يقين أن معظمكم يعلم أن واحد بالمئة من سكان العالم اليوم هم نازحون بسبب الصراع والعنف وتغير المناخ والاضطهاد".

ويتخصص دينغ حالياً في الدراسات العالمية والاتصالات من جامعة هورون في كندا التي حصل فيها على وضع اللاجئ. كما أنه يعمل مع منظمة ‘وورلد فيجن كندا‘ منذ مارس 2023 كمستشار ومنسق لشؤون تعليم اللاجئين.

وعلقت هيذر هالتو بورتر، رئيسة موقع ’تشيغ دوت أروغ‘ على فوز دينغ قائلة: "لقد تغلب نيال [دينغ] على مصاعب لا يمكن تصورها لمواصلة النضال من أجل مستقبل أكثر إشراقاً ليس فقط لنفسه بل للآلاف غيره ممن يواجهون تحديات مماثلة. وفي أوقات الأزمات، نحن بحاجة للابتكار والقدرة على الصمود ولا شك أن تفاني نيال في التصدي لأزمة اللاجئين العالمية أمر ملهم حقاً".

ومن بين الفائزين السابقين بجائزة الطالب العالمية إيجور كليمينكو من أوكرانيا الذي حصل عليها لقاء جهوده في رفع مستوى الوعي حول الألغام الأرضية والطالب السيراليوني جيرامايا ثورونكا لاختراعه جهازاً يولد الطاقة النظيفة باستخدام الطاقة الحركية الناشئة عن حركة المرور والمشاة. -PA

image title
نهيال دينغ يعيش الآن في كندا، حيث يدرس الدراسات العالمية والاتصالات في كلية هيورون الجامعية.

"الجائزة الحقيقية التي يجب أن نسعى إليها في هذا العالم هي أن لا يكون السلام والتعليم والأحلام مجرد كماليات بل حقوقاً إنسانية أساسية لكل طفل."

نيال دينغ، الفائز بجائزة الطالب العالمية لعام 2023